وليست النافية ، لكن عدم تركها أفضل (١). ولا فرق فى القرينة بين أن تكون لفظية فى أو معنوية ، والمعنوية أقوى. ومن القرائن اللفظية أن يكون الخبر فيها منفيّا مثل : إن المجاملة لن تضرّ صاحبها. فكلمة «إن» مخففة ، وليست نافية ؛ لأن إدخال النفى على النفى لإبطال الأول قليل فى الكلام الفصيح : إذ يمكن مجىء الكلام مثبتا من أول الأمر ، من غير حاجة إلى نفى النفى المؤدى للإثبات بعد تطويل. ومثال القرينة المعنوية : إن العاقل يتبع سبيل الرشاد. إن المحسن يكون محبوبا. إن الاستقامة تجلب الغنى ؛ إذ المعنى يفسد على اعتبار «إن» للنفى فى هذه الأمثلة .. ومن هذا النوع قول الشاعر :
أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
|
وإن مالك كانت كرام المعادن |
فلو كانت «إن» للنفى لكان عجز البيت ذمّا فى قبيلة مالك ، مع أن صدره لمدحها (٢).
(٣) أن يكون الخبر من النوع الذى يصلح لدخول اللام عليه وقد سبق (٣) بيانه.
__________________
ـ كما سيجىء فى ص ٦١٢ ـ وتدخل اللام على خبره الحالى ، أو على خبره. بحسب الأصل ؛ فالأول نحو : إن كنت لناصرا المظلوم. والثانى : إن ظننتك لطموحا. فإن كان غير ناسخ ـ وهذا قليل لا يصح القياس عليه اليوم ـ دخلت على فاعله إن كان اسما ظاهرا ، أو ضميرا بارزا ؛ نحو : إن يزينك لنفسك ، وإن يشينك لهيه. (فكلمة : «نفس» اسم ظاهر ، فاعل للفعل : «يزين» ، وكلمة : «هى» ضمير بارز فاعل للفعل يشين ، والهاء التى فى آخر الضمير هاء للسكت. والمراد : إن نفسك هى التى تزينك ، وهى التى تشينك ، أى : تعيبك ـ انظر «ا» من ص ٦١٣ ـ
فإن اجتمع الفاعل والمفعول به دخلت على السابق منهما ، نحو : إن أحسن لكاتب عمله.
أو : إن أحسن لعمله كاتب. وإنما تدخل على السابق منهما بشرط ألا يكون ضميرا متصلا (ظاهرا أو مستترا) فإن كان ضميرا متصلا لم تدخل عليه اللام ودخلت على المتأخر : مثل : إن عظمت لعالما نافعا ، وإن مدحت لإياه ، والعاقل إن مدح لعظيما. (فقد دخلت اللام على المفعول به مع تأخره) لأن الفاعل فى المثالين الأولين ضمير متصل بارز ، وفى الأخير ضمير متصل مستتر.
(١) إلا لمانع يمنع : كدخولها على حرف نفى.
(٢) حذفت اللام هنا لعدم الحاجة إليها ؛ لأن المقام للمدح ؛ وهو يقتضى الإثبات لا النفى. وفى هذه الحالة يجوز حذفها وإثباتها.
ومما يلاحظ أننا لو أردنا إدخالها فى المثال السالف لكان الأنسب إدخالها على كلمة : «كرام» دون الفعل : «كان» ؛ لأنها لا تدخل على ماض ، متصرف ، خال من «قد» ـ كما سبق ـ فى ص ٥٩٨ ـ سواء أكانت «إن» عاملة أم غير عاملة. هذا وكلمة «أباة» جمع «آب» بمعنى : كاره. و «مالك» اسم قبيلة عربية ؛ سميت باسم زعيمها ، والشاعر يتباهى فى صدر البيت بأنه من أسرة ذلك الزعيم ، وأنها تكره الضيم ؛ (أى : الذل) وأنها قبيلة كريمة الأصول. فكلمة «مالك» الأولى اسم للزعيم ، والثانية اسم القبيلة ؛ ولهذا أنث الفعل معها.
(٣) راجع ص ٥٩٨.