__________________
ـ وهو بهذه الصورة غير جائز (راجع الهمع ج ١ ص ١٣٥).
ثانيهما ـ توجيه الأسلوب الآتى ـ تطبيقا على سبق ـ :
«إن رجلا وغلاما حاضران». فكلمة «غلاما» منصوبة على أنها معطوفة عطف مفردات على اسم «إن» المنصوب لفظه. ولو قلنا : إن رجلا وغلام حاضران ، لكانت كلمة «غلام» مرفوعة ؛ لأنها معطوفة عطف مفردات على اسم «إن» باعتبار أصله المبتدأ قبل أن يصير اسم «إن» وكلمة : «حاضران» هى الخبر فى الحالتين ؛ لأنها مثنى ؛ فهى مطابقة للمعطوف والمعطوف عليه معا.
أما إذا لم تطابق فى مثل : إن رجلا وغلاما حاضر. تريد : إن رجلا حاضر ، وإن غلاما حاضر ، مع قيام قرينة تدل على هذا المراد ـ فالأصول اللغوية العامة لا تمنع هذا الأسلوب ؛ وإن منعته طائفة نحوية ـ ؛ فيصح أن تكون كلمة. «حاضر» خبر «إن» المذكورة. وكلمة «غلاما» اسم «إن» المحذوفة مع خبرها ، والجملة الثانية معترضة.
وكذلك إن لم يتطابق فى مثل : إن رجلا وغلام حاضر. فكلمة «حاضر» خبر «إن» المذكورة «وغلام» مبتدأ خبره محذوف والتقدير : إن رجلا حاضر ، وغلام حاضر ، وتكون الجملة الثانية معترضة ـ أيضا ـ بين اسم إن وخبرها.
ويجوز فى المثال الأول : (إن رجلا وغلاما حاضر) اعتبار كلمة : «حاضر» خبر «إن» محذوفة وحدها. وخبر المذكورة محذوف أيضا ، والجملة الثانية معطوفة على الأولى عطف جمل.
ومما يجب التفطن له أن كل واحد من هذه الاعتبارات لا يصح الالتجاء إليه بداعى التمحل المحض فى تصحيح كلمة لم يتضح فى السياق مرماها المعنوى ، ولا مهمتها فى توضيح المراد ولا يصح ، تلمس التصويب لمن نطق بها عفوا ، على غير هدى لغوى يؤدى إلى المعنى المقصود ؛ وإلا صارت اللغة لعبا ولهوا. وإنما نلجأ إليه حين يكون هو الوسيلة لتحقيق المعنى المراد ؛ لقيام قرينة تفرضه وتأبى سواء.
وبالرغم من الاعتبارات السالفة فمن الحكمة ألا نلجأ إلى استعمال تلك الأساليب ما وجدنا مندوحة للبعد عنها. ومن الخير أن نكتفى فى العطف على اسم «إن» بضبط المعطوف منصوبا فقط ، سواه. أكان العطف قبل مجىء الخبر أم بعده ، لأن هذا هو المسلك الظاهر ، والنهج الواضح الذى يعد اتباعه من أهم مقاصد البلغاء. ما لم يوجد مقصد أسمى يدعو للعدول عنه ؛ كاقتضاء المقام أن يكون العطف عطف جمل ، لا عطف مفردات ؛ لأن الأول يؤدى غرضا غير الذى يؤديه الثانى.