كان الخبر جملة فعلية فعلها ماض غير متصرف جاز ـ فى غير ليس ـ دخول اللام وعدم دخولها ؛ نحو : إن القطار لنعم وسيلة السفر ، أو نعم وسيلة السفر ... وإن إسراع السائق لبئس العمل ، أو بئس العمل. بإدخال اللام على «نعم» ، و «بئس» أو عدم إدخالها ...
وكذلك يجوز إن كان الفعل ماضيا متصرفا ، ولكنه مقرون بكلمة : «قد» فتصحبها اللام أو لا تصحبها ؛ نحو : إن العلم لقد رفع صاحبه ، أو : رفع ... أما إن كان الخبر جملة فعلية فعلها مضارع مثبت (١) فيجوز دخول اللام على المضارع المثبت سواء أكان متصرفا أم غير متصرف تصرفا (٢) كاملا ، إلا فى حالة واحدة وقع فيها الخلاف ؛ هى التى يكون فيها مبدوءا بالسين ، أو سوف. فلا يصح ـ فى الرأى الأحق ـ أن تقول : «إن الطائرة لستحضر ، أو : لسوف تحضر» بل يجب حذف اللام من هذا المضارع (٣) المبدوء بالسين ، أو سوف
__________________
ـ عن المساوى. وعلمت أن الكفء لنال جزاءه. لأن هذه اللام ـ كما سبق ـ للقسم ، وليست للابتداء ؛ فهى فى موضعها المتأخر المناسب لها ، غير ملحوظ فيها التقديم قبل مجىء : «إن» ذلك التقديم الذى هو أصلها. بخلافها فى مثل : علمت أن الحازم لمبتعد عن المساوى ؛ فإنها تكسر معها ؛ لأن هذه اللام للابتداء ، وهى من الأدوات التى لها الصدارة ، فتعلق الفعل وتوجب كسر همزة «إن» كشأن ماله الصدارة.
وهى مقدمة فى الأصل والنية ، وإنما تأخرت للعلة السابقة ، وهى : أنها تفيد توكيد الجملة ، و «إن» كذلك ؛ فبقيت هذه ؛ لأصالتها وقوتها بالعمل ، وتأخرت تلك ؛ كما يقال ، .... وستأتى فروق أخرى بين اللامين.
(١) أما المنفى فالأكثر والأفصح الذى يجب الاقتصار عليه هو عدم دخولها عليه : كقوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.*)
(٢) غير متصرف تصرفا كاملا مثل الفعل : يدع ويذر ، على الرأى القائل : بأنه لا ماضى لهما ، ولا مصدر. أما المضارع الذى لا يتصرف مطلقا فلا وجود له.
(٣) لو دخلت عليه لوقع تعارض واضح ، لأن لام الابتداء تجعل زمن المضارع للحال. أما «السين» أو «سوف» فتجعل زمنه للمستقبل ؛ فلو اجتمعتا فى أول المضارع لاجتمع فيه علامتان متعارضتان ؛ إحداهما تدل على زمنه للحال ، والأخرى تدل ـ فى الوقت نفسه ـ على أن زمنه للمستقبل. لكن قد يصح تلاقيهما معا واجتماعهما على اعتبار آخر ؛ هو : أن تكون اللام للقسم ؛ ففى المثال السابق : إن الطائرة لستحضر ، أو لسوف تحضر ... يكون المعنى : إن الطائرة والله لستحضر ، أو لسوف تحضر ... فاللام لا تجعل زمن المضارع هنا للحال ، وإنما تجعله للمستقبل بقرينة السياق ، فلا تعارض بينها وبين السين أو سوف ـ وهذا فرق آخر بين اللامين غير ما فى الصفحة السابقة ، ومن المهم إدراك الفرق بين الأسلوبين ، فلكل منهما معنى يخالف الآخر ؛ فليس الأمر مجرد احتيال لإدخال اللام أو عدم إدخالها ، وإنما الأمر الذى له الاعتبار الأول هو المعنى وحده ؛ فإن اقتضى أن يتضمن الكلام قسما جاز إدخال اللام على الجملة المضارعية المبدوءة بالسين أو سوف ، الواقعة جوابا. وإن لم يقتض قسما لم يجز إدخال اللام على تلك الجملة ؛ وإلا كانت اللغة عبثا.
(٢) وف شروط الموضوع الثالث من مواضع لام الابتداء يقول ابن مالك باختصار :
ولا بلى ذى اللام ما قد نفيا |
|
ولا من الافعال ما كرضيا |