المسألة ٤٩ :
زيادة باء الجر فى خبر هذه الأحرف
تقدم أن «باء» الجر تزاد فى مواضع (١) ، منها : أخبار الأفعال الناسخة إذا كانت تلك الأخبار منفية ؛ (فلا تزاد فى أخبار «ما زال» وأخواتها الثلاثة ؛ لأن أخبارها موجبة) وأن الغرض من تلك الزيادة هو تأكيد النفى وتقويته ، كما عرفنا.
ومن تلك المواضع : خبر «ليس» (٢) ؛ ويكثر فيه زيادة الباء ؛ نحو : ليس الحازم بمتواكل. فالباء زائدة ، «ومتواكل» مجرورة بها فى محل نصب خبر «ليس». ومنها. «ما» العاملة والمهملة ، فيكثر فى خبرها المنفى زيادة الباء ؛ نحو : ما العربى ببخيل ، وما العربى بهياب الشدائد. وأصل الكلام ما العربى بخيلا. ما العربى هيابا ، فالباء حرف جر زائد ، وما بعدها مجرور فى محل نصب خبر : «ما» إن كانت عاملة ، أو فى محل رفع خبر المبتدأ ، إن كانت : «ما» مهملة (٣). ومن الأمثلة ، قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ،) وقول الشاعر :
أقصر ـ فؤادى ـ فما الذكرى بنافعة |
|
ولا بشافعة فى ردّ ما كانا |
__________________
(١) فى ص ٥٣٥ إيضاح مناسب لبعض مواضع زيادة الباء ، وسبب الزيادة ، وأنها قد تزاد فى الاسم إذا توسط الخبر بينه وبين الناسخ.
(٢) بشرط ألا تكون أداة استثناء وألا ينتقض النفى «بإلا» ؛ فإن كانت أداة استثناء فهى بمعنى «إلا» فلا يزاد فى خبرها الباء. ومثلها «لا يكون» أداة الاستثناء. ـ كما سبق فى ص ٥٠٧ ـ
(٣) بشرط ألا يكون إهمالها بسبب نقض النفى فى خبرها ، فإن كان بسببه لم تدخل عليه الباء الزائدة ؛ لأن الكلام يصير مع نقض النفى موجبا ؛ فلا يصح زيادة الباء فى مثل : ما أنت إلا ناصح. وهناك شرط آخر لزيادة : «الباء» فى خبر «ما» ؛ هو : أن يكون الخبر من الألفاظ التى تقبل الإيجاب والتى لا يقتصر استعمالها على المعانى المنفية ؛ فلا تزاد «البا» فى كلمة أحد ، وعريب وديّار ، فى نحو : ما مثلك أحد ... فلا بد لزيادة الباء فى خبر «ما» من تحقق الشرطين السابقين. (انظر ص ٥٣٤ و ٥٣٥ وهامشهما).
هذا ، والذى يدل على أن زيادة «الباء» هى فى خبر العاملة أو المهملة ما يكون للخبر من توابع فإن ضبط التابع بغير الجر يدل على نوع الخبر ، وأنه خبر للعاملة أو للمهملة.