ولا يصح إعرابها حرف عطف ، لما يترتب على ذلك من أن يكون المعطوف جملة على حسب التقدير السابق ، ولا يصح أن يكون المعطوف بهما جملة.
ولو جعلنا المعطوف بهما مفردا ولم نلاحظ التقدير السابق لوجب أن يكون منصوبا ومنفيّا ، تبعا للخبر المعطوف عليه ؛ لأن المعطوف المفرد يشابه المعطوف عليه فى حركات الإعراب ، وفى النفى ، والإثبات ، والعامل فيهما واحد ، وهنا يقع التعارض بين المعطوف عليه والمعطوف ؛ فالأول منفى «بما» ومعمول لها. والثانى معمول لها أيضا وموجب ؛ لوقوعه بعد : «لكن» أو : «بل». المسبوقين بنفى. و «ما» لا تعمل فى الموجب ، ومن هنا يجىء التعارض أيضا ؛ وهو يقضى بمنع العطف ولو كان عطف مفرد على مفرد (١) ، ويقضى بالرفع. والأحسن أن يكون رفعه خبرا لمبتدأ محذوف.
ومما تقدم نعلم أن الكلام فى حالة : «ا» لا يشتمل على عطف مطلقا ؛ فلا عاطف ، ولا معطوف عليه ، ولا حرف عطف (٢).
(ب) أما إن كان حرف العطف لا يقتضى أن يكون المعطوف موجبا وإنما يقتضى أن يشابه المعطوف عليه فى حركات إعرابه ، ونفيه ، وإثباته : كالواو والفاء ... فإنه يجوز فى هذه الحالة نصب المعطوف ورفعه ، مثل : ما أنت قاسيا وعنيفا على الضعيف ، أو : «عنيف» بنصب كلمة : «عنيفا» ؛ لأنها معطوفة على خبر «ما» المنصوب. وبرفعها لأنها معطوفة على خبر «ما» باعتبار
__________________
(١) إذا كان خبر «ما» مجرورا بالباء الزائدة مثل : ما النجم بمظلم ، لكن مضىء ـ أو بل مضىء ـ وجب الرفع أيضا دون النصب والجر. ويقول النحاة : لا يصح الجر عطفا على لفظ الخبر المجرور بالباء الزائدة. ولا النصب ، عطفا على محله. وحجتهم أن الباء «عملت» الجر فى المعطوف عليه ، فهى العاملة أيضا فى المعطوف تبعا لذلك ؛ لأنه يشابه المعطوف عليه فى حركات الإعراب. فالعامل فيهما واحد ، والمعطوف هنا موجب كما سبق. وهى لا تدخل على الموجب وإنما تزاد بعد النفى.
وهذا كلام مردود ، لأنه نظرى فقط ، فوق أنهم يغتفرون فى الثوانى ما لا يغتفرون فى الأوائل. وسجل النحاة هذا فى مواضع متعددة ، كالذى فى الصبان ، ح ٢ باب «الاستثناء عند الكلام على تعذر البدل من اللفظ فى الاستثناء التام غير الموجب. وكالذى فى همع الهوامع ج ١ ص ٢١٥ ، وقد أشرنا لهذا فى ج ٢ ص ٢٤٧ م ٨١.
والواجب أن يرجعوا للكلام العربى ، ويعرضوا لحالته ، ثم يستنبطوا منه الحكم الواقع. ولا نعرف أنهم فعلوا. ولهذا نجيز الجر والنصب ، وإن كان الرفع هو الأقوى.
(٢) وقد كان التعبير فى أول الأمر بحرف العطف والمعطوف عليه تعبيرا مجازيا ؛ روعى فيه الأصل والصورة الظاهرية التى تشبه صورة العطف ، وإن كان الواقع والحقيقة أنه لا أثر للعطف هنا.