المسألة ٤٨ :
الحروف التى تشبه ليس فى المعنى والعمل :
(ما ـ لا ـ لات ـ إن)
من الحروف نوع يشبه الفعل : «ليس» فى معناه ، وهو : النفى (١) ، وفى عمله ؛ وهو : النسخ (٢) فيرفع الاسم وينصب الخبر. وبهذه المشابهة يعد من أخوات : «ليس». مع أنها فعل وهو حرف ، كما يعد من أخوات : «كان» لمشابهته إياها فى العمل فقط. وأشهر هذه الحروف أربعة : ما ـ لا ـ لات ـ إن.
فأما الحرف الأول : «ما» فبعض العرب ـ كالحجازيين ـ يعمله ، وبعض آخر ـ كبنى تميم ـ يهمله (٣). وهو يفيد عند الفريقين نفى المعنى فى الزمن الحالى عند الإطلاق (٤). تقول : ما الشجاع خوافا ، أو ما الشجاع خواف ؛ بالإعمال أو الإهمال. ومثل هذا فى قول الشاعر :
وما الحسن فى وجه الفتى شرفا له |
|
إذا لم يكن فى فعله والخلائق |
وقول الآخر :
لعمرك ما الإسراف فىّ طبيعة |
|
ولكنّ طبع البخل عندى كالموت |
لكن الذى يحسن الأخذ به فى عصرنا هو الإعمال ، لأنه اللغة العالية ، لغة القرآن ، وأكثر العرب ، ولا داعى للأخذ باللغة الأخرى ؛ منعا للبلبلة ، وتعدد
__________________
(١) سبق فى ص ٥٠٦ أن «ليس» فعل ينفى المعنى فى الزمن الحالى عند الإطلاق ، أى : عند عدم وجود قرينة تبين نوع الزمن أو التجرد منه ؛ فإن وجدت لزم الأخذ بمدلولها. ومثلها الحروف : «ما» و «إن» ؛ و «لات» ، و «لا» العاملة عمل : «ليس» ؛ أما المهملة فيجىء تفصيل الكلام عليها فى هامش ص ٥٤٤. فالحروف الأربعة تشبه «ليس» فى أمر معنوى مشترك ؛ وهو نفى المعنى فى الزمن الحالى عند الإطلاق.
(٢) سبق شرح النسخ ومعناه عند بدء الكلام على النواسخ ، ص ٤٩٤.
(٣) وسواء أكان عاملا أم مهملا فله الصدارة فى جملته بشرط دلالته على النفى ـ راجع الصبان فى باب ظن وأخواتها عند الكلام على الأدوات التى يقع بها التعليق ؛ لصدارتها ـ وسيجىء البيان فى ج ٢ ص ٢٤ م ٦١ ـ.
(٤) انظر ص ٥٠ وهامشها رقم ١ حيث البيان الذى يوضح معنى «ما» النافية وأثرها فى الزمن الحالى وغيره ، وكلام صاحب المفصل فى هذا.