المسألة ٤٦ :
حذف «النون» من مضارع : «كان»
إذا دخل جازم على الفعل المضارع من : «كان» فإنه : يجزمه ، وتحذف الواو التى قبل النون (١). نحو : لم أكن من أعوان الشر ، ولم تكن من أنصاره ، وكقول علىّ : لا تكن عبد غيرك ، وقد جعلك الله حرّا. وأصل الفعل بعد الجازم : لم أكون ـ لم تكون ـ لا تكون فهو مجزوم بالسكون على النون ؛ فالتقى ساكنان ؛ الواو والنون ؛ فحذفت الواو ـ وجوبا ـ للتخلص من التقائهما ؛ فصار الفعل ؛ لم أكن ـ لم تكن ـ لا تكن ... ومثل هذا يقال فى الفعل : «يكن» من قول القائل :
إذا لم يكن فيكنّ ظلّ ولا جنى |
|
فأبعد كنّ الله من شجرات |
ويجوز بعد ذلك حذف النون : تخفيفا ؛ فنقول : لم أك ـ لم تك ، وكقول الشاعر :
فإن أك مظلوما فعبد ظلمته |
|
وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب (٢) |
وهذا الحذف جائز كما قلنا ؛ سواء أوقع بعدها حرف هجائى ساكن (٣) ؛ نحو : لم أك الذى ينكر المعروف ، ولم تك الصاحب الجاحد ـ أم وقع بعدها حرف هجائى متحرك ، نحو : لم أك ذا منّ ، ولم تك مصابا به. إلّا إن كان الحرف المتحرك ضميرا متصلا فيمتنع حذف النون ؛ نحو : الشبح المقبل علينا يوحى بأنه صديقى الغائب ؛ فإن يكنه فسوف نسعد بلقائه ، وإن لم يكنه فسوف نأسف. أى : إن يكن إياه ... وإن لم يكن إياه (٤).
__________________
(١) وهى الواو التى أصلها عين الكلمة.
(٢) البيت من قصيدة للشاعر الجاهلى : «النابغة الذبيانى» يمدح بها النعمان بن المنذر» ويعتذر له عن وشاية بلغته. (العتبى : الرضا. ـ يعتب : يزيل أسباب العتاب بالرضا ، وقبول العذر)
(٣) عند من يبيح ذلك ، كابن مالك ، ومن معه. ورأيه أنسب.
(٤) ملخص شروط حذف النون ستة : كونها فى مضارع ، مجزوم ، وجزمه بالسكون عند اتصاله فى النطق بما بعده (أى : فى حالة الوصل ، لا الوقف ؛ لأنها فى حالة الوقف ترجع وتظهر). وليس بعده ساكن عند من يشترط هذا ؛ ـ كسيبويه. وغيره لا يشترط هذا ـ ولا ضمير متصل.