ومما سبق نعلم : أنّ «كان» تحذف جوازا فى حالتين ، ووجوبا فى حالتين أخريين ، تجىء «ما» عوضا عنها فى كل منهما ، ولا يجوز إرجاع «كان» مع وجود العوض عنها فى حالتى حذفها وجوبا. أما فى الحالتين الجائزتين فحذفها وإرجاعها سواء.
زيادة وتفصيل :
(ا) ورد فى الكلام القديم حذف كان مع اسمها بعد : «لدن» : كأن يسألك سائل : متى كان الاجتماع؟ فتجيب : يوم الخميس من لدن عصرا إلى المغرب. أى ؛ من زمن كان الوقت عصرا إلى المغرب ... وهذا حذف لا يقاس عليه. وإنما عرضناه هنا ليفهم حين يرد فى كلام القدماء.
(ب) قد وردت كان وحدها محذوفة فى كلام قديم مع بقاء اسمها وخبرها ومنه :
أزمان «قومى» والجماعة كالذى |
|
لزم الرّحالة أن تميل مميلا |
أى : أزمان كان قومى مع الجماعة. فكلمة : «قوم» اسم «كان» المحذوفة و «الجماعة» مفعول معه ، و «كالذى» خبرها. والسبب فى تقدير «كان» أن المفعول معه لا يقع ـ فى الأكثر ـ إلا بعد جملة مشتملة على لفظ الفعل وحروفه ، أو على معناه دون حروفه (١).
__________________
ـ يريد : قد ارتكب (أى : حصل) تعويض : «ما» عن : «كان» المحذوفة الواقعة بعد : «أن» المصدرية. وضرب لها مثلا هو : «أما أنت برا فاقترب» أصله : اقترب لأن كنت برا. أى : صاحب خير ومعروف ، ثم جرى الحذف ، والتعويض ، والتقديم ، والتأخير ، والزيادة كما شرحنا.
(١) قالوا : إن مراد الشاعر هو وصف ما كان من استواء الأمور واستقامتها قبل عثمان رضى الله عنه. فشبه حال قومه فى تماسكهم وتلازمهم ، وعدم تنافرهم ـ بحال راكب لزم الرحالة (وهى : سرج من جلد لا يخالطه خشب) خوف أن يميل مميلا ، أى : ميلا.