بات على الأشجار الطير نائما ـ وأصبح فوق الغصون الطّلّ مترا كما ... وهكذا (١). وقد وردت أمثلة قليلة مسموعة تقدم فيها معمول الخبر وحده ، مع أنه ليس شبه جملة ؛ فتناولها النحاة بالتأويل والتكلف لإدخالها تحت قاعدة عامة تصونها من مخالفة القاعدة السابقة. والأحسن إغفال ما قالوه ، ـ إذ لا يرتاح العقل إليه (٢) ـ والحكم على تلك الأمثلة القليلة بالشذوذ ؛ فلا يصح القياس عليها.
__________________
(١) وفيما سبق بقول ابن مالك :
ولا يلى العامل معمول الخبر |
|
إلّا إذا ظرفا أتى ، أو : حرف جر |
أى : أن معمول الخبر لا يتقدم وحده أو مع الخبر فيقع بعد العامل مباشرة ؛ لأن هذا التقدم ممنوع ، إلا فى حالة واحدة ، هى : أن يكون المعمول ظرفا أو حرف جر مع مجروره ، و (ظرفا أتى ـ أى : أتى ظرفا ، بمعنى : وقع ووجد). والمراد بحرف جر : أن يكون مع مجروره لأن حرف لجر وحده لا أثر له فى الجملة.
(٢) إذا رأوا فى الكلام المسموع أسلوبا مثل : صار ـ الصحف ـ المتعلمة تقرأ ، أعربوها بتقديرات مختلفة : أشهرها ما يأتى : «صار» فعل ماض. اسمه ضمير الشأن المستتر ، وهو كالظاهر فى الفصل. «الصحف» مفعول به للفعل «تقرأ». وبهذا الإعراب لا يكون المعمول عندهم قد وقع بعد العامل مباشرة ؛ لوجود ضمير الشأن المستتر فاصلا بينهما ، كما قلنا. «المتعلمة» مبتدأ مرفوع. «تقرأ» : فعل وفاعل. وهذه الجملة الفعلية خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ والخبر فى محل نصب خبر الناسخ : صار. وفى هذا تكلف ظاهر ، وإضعاف لبناء الجملة. وكان الواجب أن يقبلوا مثل هذا الأسلوب ، أو يرفضوه. أما التكلف والتأويل فلا يعرفه العرب على هذه الطريقة ، ولا محل له اليوم. والأحسن أن نختار رفضه. وفيما سبق يقول ابن مالك :
ومضمر الشّأن اسما انو إن وقع |
|
موهم ما استبان أنّه امتنع |
يريد : آنو ضمير الشأن وقدره بعد الناسخ مباشرة ، إن وردت لك بعض أمثلة توهمك ، وتخيل لك أنها التى استبان منعها ؛ أى : ظهر منعها.