كلماتها. وذلك النهج يقتضى ألا يقع بعد العامل ـ مباشرة معمول لغيره (١) ، مثل :أقبل القطار يحمل الركاب ، نعرب كلمة : «الركاب» مفعولا به للفعل : «يحمل» وهذا الفعل هو ، عاملها ؛ فهى وثيقة الصلة به ، وليست أجنبية منه ، فلا يصح أن نقدمها ونضعها بعد عامل آخر ؛ هو : «أقبل» لأنها أجنبية عنه ؛ فلو قلنا : أقبل الركاب القطار يحمل ـ لكان هذا الأسلوب بعيدا عن الصواب ؛ مخالفته النسق الصحيح الوارد فى تركيب الجملة ؛ وهو النسق الذى تدل عليه تلك القاعدة العامة التى أشرنا إليها ، والتى ملخصها : «أنه لا يجوز أن يلى العامل ـ مباشرة ـ معمول لعامل آخر». أو : «لا يصح أن يلى العامل ـ مباشرة ـ معمول أجنبى عنه».
ولا فرق فى المعمول المتقدم بين أن يكون معمولا لخبر «كان» ، أو لغيرها من النواسخ ، وغير النواسخ ، ولا بين أن يكون المعمول مفعولا أو غير مفعول ... إلا الظرف والجار مع مجروره ، فإنه يجوز أن يلى عاملا آخر غير عامله. والقاعدة ـ كما أسلفنا ـ لا تختص بعامل ، ولا تقتصر على معمول ، وهى مستمدة من الأساليب الكثيرة الفصيحة وعلى أساسها بنى الحكم السابق.
هذا إذا تقدم المعمول وحده بدون الخبر كالأمثلة السابقة ، أو تقدم ومعه الخبر ، وكان المعمول هو السابق على الخبر ؛ ففى مثل : كان الطالب قارئا الكتاب ، لا يصح أن يقال : كان الكتاب الطالب قارئا. أما لو تقدما معا وكان الخبر هو السابق فالأحسن الأخذ بالرأى الذى يبيحه ؛ لمسايرته الأساليب الفصيحة المأثورة (٢) فيصح أن نقول : كان قارئا الكتاب الطالب.
غير أن هناك حالة واحدة يصح فيها تقديم معمول الخبر وحده ، أو مع الخبر ، متقدما عليه ، أو متأخرا عنه ؛ هى ـ كما سبق ـ : أن يكون المعمول شبه جملة (أى : ظرفا ، أو : جارا مع مجروره) ، نحو : بات الطير نائما على الأشجار ؛ وأصبح الطّلّ مترا كما فوق الغصون ، فيصح أن يقال :
__________________
(١) وبناء على هذه القاعدة العامة لا يصح فى باب : «كان» وأخواتها أن يتوسط بين العامل (الناسخ) واسمه المرفوع ـ معمول لعامل آخر إذا كان المعمول ليس شبه جملة. وإنما قلنا : العامل ومرفوعه ؛ إذ لا يمكن أن يتم التوسط الممنوع هنا إلا بين العامل ومرفوعه ؛ لأنهم يشترطون أن يقع التوسط الممنوع بعد العامل مباشرة ، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الفاصل الأجنبى بين الناسخ واسمه المرفوع.
(٢) وقد تستدعيه بعض الحالات البلاغية. كل ذلك مع مراعاة الأحوال والشروط العامة لتقديم خبر الناسخ ، وقد اوضحناها فى ص ٥١٥.