زيادة وتفصيل :
(ا) عرفنا مما تقدم حكم الخبر المفرد وشبه الجملة ، من حيث تقدمه وحده على عامله الناسخ ، أو توسطه بينه وبين اسمه ، أو تأخره عنهما ، وبقى للموضوع بقية تتصل بتقديم معمول هذا النوع من الأخبار على عامل الخبر ؛ وهى أن الخبر يمتنع تقديمه وحده على الناسخ إذا كان الخبر قد رفع اسما ظاهرا ؛ ففى مثل : «كان الرجل نبيلا مقصده» و «بات المغنى ساحرا صوته» لا يصح : «نبيلا كان الرجل مقصده» ـ ولا ساحرا بات المغنى صوته (١) ؛ لأنه لا يجوز تقديم الخبر وحده دون معموله المرفوع ـ كما قلنا ـ فإن تقدم مع معموله المرفوع جاز ؛ فيصح : «نبيلا مقصده كان الرجل». «ساحرا صوته بات المغنى» فإن كان معمول الخبر منصوبا نحو : «أضحى الرجل راكبا الطيارة» جاز تقديم الخبر وحده على العامل الناسخ لكن مع قبح (٢). نحو : الطيارة أضحى الرجل راكبا.
وإن كان المعمول ظرفا أو جارّا مع مجروره جاز تقديم الخبر وحده بغير قبح ، ففى مثل ؛ ظل الفتى عاملا يوما ، وأمسى قرير العين فى بيته ـ يقال : يوما ظل الفتى عاملا ، وفى بيته أمسى قرير العين.
(ب) يتصل بمسألة تقديم معمول الخبر مسألة توسط هذا المعمول بين الناسخ واسمه ، ففى مثل : كان القادم راكبا سيارة : وكان المسافر راكبا سفينة ... نعرب كلمة : «سيارة» وكلمة : «سفينة» ـ وأمثالهما ـ مفعولا به لخبر : «كان» فكل واحدة منهما معمولة لذلك الخبر ، وليست معمولة للفعل «كان». فهل يجوز تقديم ذلك المعمول وحده على الاسم بحيث يتوسط بينه وبين كان ؛ فنقول : كان سيارة القادم راكبا؟ وكان سفينة المسافر راكبا؟ لا يجوز ذلك ، لأنه مخالف للنهج العام الذى تسير عليه الجملة العربية فى نظام تكوينها المأثور ، وطريقة ترتيب
__________________
(١) لأن المأثور من الفصيح لم يقع فيه الفصل بين الوصف ومرفوعه بأجنبى عنهما.
(٢) لقلة شيوعه فى الأساليب الفصيحة القديمة.