هاديا ؛ لأن المحصور فيه : «بإلا» يجب اتصاله بها متأخرا عنها ، والمحصور فيه : «بإنما» يجب تأخيره. فلو تقدم المتأخر فى الصورتين تغير المقصود ، وفات الغرض الهام من الحصر.
الثانية : وجوب التقدم على الاسم فقط ، (فيتوسط الخبر بينه وبين العامل الناسخ) وذلك حين يكون الاسم مضافا إلى ضمير يعود على شىء متصل بالخبر ؛ مع وجود ما يمنع تقدم الاسم على الأداة ؛ مثل يعجبنى أن يكون للعمل أهله (١) فلا يصح : (يعجبنى أن يكون أهله للعمل) ؛ لما فى هذا من عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهو ممنوع فى مثل هذا.
الثالثة : وجوب التقدم على العامل الناسخ وذلك حين يكون الخبر اسما واجب الصدارة ؛ كأسماء الاستفهام و «كم» الخبرية ... نحو : أين كان الغائب؟ وقول الشاعر :
وقد كان ذكرى (٢) للفراق يروعنى |
|
فكيف أكون اليوم؟ وهو يقين |
وكم مرة كانت زيارة المعالم المشهورة!! ويشترط فى هذه الحالة ألا يكون العامل الناسخ مسبوقا بشىء آخر له الصّدارة مثل : «ما» النافية ... لأن الخبر الذى له الصدارة لا يدخل على ماله الصدارة (٣) ، فلا يصح : أين ما كان الغائب؟ ولا : أين ما زال البستانى؟ وكذلك لا يصح أن يكون العامل الناسخ «ليس» ؛ لأنّ خبرها لا يجوز أن يسبقها فى الرأى الأرجح (٤).
__________________
(١) هذا المثال هو الذى يوضح الحالة الثانية توضيحا دقيقا ؛ لوجود «أن» المصدرية فيه ؛ لأن وجودها يمنع تقديم شىء عليها من جملتها التى تليها ، كما تمنع تقديم شىء يفصل بينها وبين الفعل الذى دخلت عليه لتنصبه ؛ فلا يصح تقديم الخبر عليها ، أو على الفعل الذى تنصبه ، كما لا يصح تأخيره عن الاسم ؛ لأن فى الاسم ضميرا يعود على شىء متصل بالخبر ؛ فتقديمه ممنوع ، وتأخيره ممنوع ؛ فلم يبق إلا توسطه بين الاسم وعامله الناسخ. أما أمثلة النحاة من نحو : كان غلام هند بعلها) فلا يوجب الاقتصار على توسط الخبر : (غلام) بين الاسم والعامل الناسخ لجواز أن يتقدم الخبر على الناسخ فى هذا المثال وأشباهه من غير ضعف. فأمثلتهم المشار إليها لا تصلح للتوسط الواجب وحده
(٢) تذكرى.
(٣) لكيلا يجتمع شيئان لكل منهما الصدارة ؛ فيقع بينهما التعارض ، ولا يمكن تفضيل أحدهما على الآخر. و «ما» النافية من الأدوات التى لها الصدارة ـ كما سيجىء فى رقم ٣ من هامش ص ٥١٧ ـ ؛ فلا يحوز تقديم الخبر ولا غيره من جملتها عليها. وكذا كل ماله الصدارة كالاستفهام ؛ وأسماء الشرط ؛ وغيرهما.
هذا ما يقوله النحاة. ولكن السبب الحقيقى هو عدم استعمال العرب الفصحاء للأسلوب المشتمل على أداتين لهما الصدارة. (راجع رقم ٣ من هامش الصفحة الآتية)
(٤) كما أشرنا فى ص ٥٠٧ وفى رقم ٣ من هامش ص ٥١٩ وإذا كانت للاستثناء مع النسخ لم يجز تقديم خبرها عليها بالاتفاق. ومثلها : «لا يكون» الناسخة الاستثنائية.