المسألة ٤٣ :
حكم الناسخ ومعموليه من ناحية التقديم والتأخير
الترتيب ـ فى هذا الباب ـ واجب بين الناسخ واسمه ؛ فلا يجوز تقديم الاسم على عامله (١). أما الخبر فإن كان جملة خالية من ضمير يعود على اسم الناسخ ، فالأحسن تأخيره عن الناسخ واسمه ؛ ذلك لأن تقدمه ـ فى هذه الصورة ـ على الناسخ أو توسطه بين الناسخ واسمه ، غير معروف فى الكلام العربى الفصيح (٢).
ويجب تأخيره عنهما إن كان جملة مشتملة على ضمير يعود على اسم الناسخ ؛ كالضمير الذى فى الجملة الفعلية : «توسعه» من قول أعرابى ينصح صديقه : «دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك ـ اعتذاره (٣) فليس من حكى عنك نكرا (٤) توسعه فيك عذرا (٥)».
وأما الخبر الذى ليس جملة (وهو المفرد وشبه الجملة) فله ست حالات :
الأولى : وجوب التأخر عن الاسم ، وذلك :
١ ـ حين يترتب على التقديم لبس لا يمكن معه تمييز أحدهما من الآخر (٦) نحو : كان شريكى أخى ـ صار أستاذى رفيقى فى العمل ـ باتت أختى طبيبتى ... فلو تقدم الخبر لأوقع فى لبس لا يظهر معه الاسم من الخبر. والفرق بينهما كبير ؛ لأن أحدهما محكوم عليه ؛ وهو : الاسم ، والآخر محكوم به ، وهو : الخبر.
٢ ـ حين يكون الخبر واقعا فيه الحصر ؛ كأن يكون مقرونا بإلا المسبوقة بالنفى ؛ نحو : ما كان التاريخ إلا هاديا. أو «بإنما» ؛ مثل : إنما كان التاريخ
__________________
(١) كما أشرنا فى ص ٤٩٦.
(٢) هذا كلامهم. وبالرغم من أنه غير معروف فى الكلام المأثور ، يجيز بعض النحاة تقديمه المبتدأ. لكن القياس غير مستحسن بعد أن تبين لهم أن الكلام العربى لم يرد به تقدم الخبر الجملة. قياسا على خبر
(٣) العذر لفعله.
(٤) أمرا مستقبحا.
(٥) تزيده ما يقنعه ويرضيه.
(٦) بأن يكونا معرفتين معا أو نكرتين معا ... على الوجه الذى تقدم فى المبتدأ والخبر ص ٤٤٨).