ومما سبق نعلم أن جميع أفعال هذا الباب تستعمل ناقصة وتامة إلا ثلاثة أفعال تلتزم النقص ؛ وهى : فتئ ـ زال ـ ليس ـ كما نعلم أن كل فعل ناقص (ناسخ) لا يعمل إلا بشروط مفصّلة ؛ فلا يكفى الاقتصار على ما يذكره كثير من النحاة من تقسيم هذه الأفعال الناسخة ثلاثة أقسام مجملة ؛ بحسب ما يلزم لها من شروط أولا يلزم ، حيث يقولون :
(ا) قسم يعمل بدون شرط وهو ثمانية أفعال :
كان ـ أصبح ـ أضحى ـ أمسى ـ ظل ـ بات ـ صار ـ ليس.
(ب) قسم يعمل بشرط أن يسبقه نفى ، أو شبه نفى ، وهو أربعة أفعال : زال ـ برح ـ فتئ ـ انفك.
(ح) قسم يعمل بشرط أن يسبقه «ما» المصدرية الظرفية وهو فعل واحد : «دام» ... لأن هذا التقسيم غير سلم ، لاعتباره القسم الأول غير محتاج إلى شروط ، ولأنه ترك فى القسمين الأخيرين شروطا هامة لا يصح إهمالها. وقد عرفنا تفصيلها (١).
بقى أن نعود إلى مسألة أشرنا إليها من قبل ؛ هى : أن النسخ ليس مقصورا على الأفعال الماضية وحدها ، بل يشملها ويشمل ما قد يكون معها من مشتقات إن وجدت ؛ فتعمل بالشروط التى للماضى.
وتفصيل هذا أن الأفعال الناسخة ثلاثة أقسام :
(ا) قسم جامد ، أى : لا يتصرف مطلقا ، ولا يوجد منه غير الماضى ،
__________________
(١) ويشير ابن مالك إلى عمل «كان» بقوله :
ترفع كان المبتدا اسما والخبر |
|
تنصبه ؛ ككان سيّدا عمر |
أى : كان عمر سيدا ، ويذكر أخواتها بقوله :
ككان : ظلّ ، بات ، أضحى ، أصبحا |
|
أمسى ، وصار ، ليس ، زال ، برحا |
فتئ ، وانفكّ ، وهذى الأربعه |
|
لشبه نفى ، أو لنفى متبعه |
أى : أن الأربعة الأخيرة فى الترتيب تتبع نفيا أو شبه نفى ، ومعنى تتبعه : تليه وتجىء بعده ؛ (فلا بد أن نتبعها النفى ، أى : نذكرها بعده) ثم قال :
ومثل كان : «دام» مسبوقا بما |
|
كأعط ـ ما دمت مصيبا درهما |
أى : أن الفعل : «دام» فى العمل مثل «كان» فى عملها بشرط أن يسبقه «ما» المصدرية الظرفية ، ولم يذكر أنها «مصدرية ظرفية» لضيق الوزن الشعرى ؛ فاكتفى بمثال يحويها ؛ وهو : أعط درهما ـ