زال : تدل بذاتها وصيغتها على النفى ، وعدم وجود الشىء ؛ من غير أن تحتاج فى هذه الدلالة للفظ آخر ؛ فإذا وجد قبلها نفى أو شبهه (وهو النهى والدعاء) انقلب معناها للإثبات (١) ؛ مثل : ما زال العدو ناقما. أى : بقى واستمر ناقما. وفى هذه الحالة تفيد مع معموليها اتصاف اسمها بمعنى الخبر اتصافا مستمرّا لا ينقطع ، أو مستمرّا إلى وقت الكلام ، ثم ينقطع بعده بوقت طويل أو قصير ؛ كل ذلك على حسب المعنى. فمثال المستمر الدائم : ما زال الله رحيما بعباده ـ ما زال الفيل كبير الأذنين ... ومثال الثانى : لا يزال الحارس واقفا. لا يزال الخطيب متكلما.
ومثالها مع النهى : لا تزل (٢) بعيدا عن الطغيان. ومع الدعاء (وأدواته هنا : «لا» ، أو : «لن») لا زال الخير منهمرا عليك فى قابل أيامك ـ لا يزال التوفيق رائدك فى كل ما تقدم عليه ـ لن تزال عناية الله تحرسك فيما يصادفك من مكايد ... ، بشرط أن يكون القصد من كل ذلك الدعاء للمخاطب ...
ولا تستعمل زال تامة (٣) ... ويشبهها فى الدلالة على النفى بذاتها ، وصيغتها ، وفى اشتراط أداة نفى قبلها ، أو شبهه للعمل ـ أخوات لها فى هذا ، هى : (فتئ ـ برح ـ انفك (٤) وسيأتى الكلام على الثلاثة).
شروط إعمالها :
١ ـ يشترط فيها الشروط العامة.
__________________
(١) لأن نفى النفى إثبات. والنهى والدعاء يتضمنان فى المعنى نفيا ؛ لأن المطلوب بهما ترك شىء ؛ وهذا الترك نفى.
(٢) فى هذا المثال وأشباهه تكون «لا» ناهية مع تضمنها معنى النفى ـ كما سبق فى رقم ١ ـ وهى لا تدخل إلا على المضارع دائما ، فإذا كان المضارع بعدها فعلا ناسخا من هذه الأربعة (زال ـ فتىء ـ برح ـ انفك) كان متضمنا للنفى مع تضمنها للنهى ؛ فيصير المعنى فى المثال : أنهاك عن عدم البعد عن الطغيان. أى : أنهاك عن الطغيان. ومثلها «لن» التى للدعاء فإنها خاصة بالمضارع. بخلاف «لا» الدعائية ؛ فإنها تدخل على الماضى والمضارع.
(٣) انظر رقم ٧ من هامش ص ٥١٤ حيث الكلام على مبتدا ناسخ (مثل : زائل) لا يحتاج إلى خبر إن كان هذا المبتدأ وصفا ناسخا يعمل : لأن اسم الناسخ يغنى عن خبر المبتدأ ...
(٤) ومثلها : (وإن كان قليل الاستعمال) «ونى» ، و «رام» التى مضارع «يريم» وكلاهما بمعنى : «زال» الناسخة. ومن شواهد استعمالها :
لا ينى الحبّ شيمة ، الحبّ ما دا |
|
م ؛ فلا تحسبنّه ذا ارعواء |
وقوله :
إذا رمت ممّن لا يريم متيّما |
|
سلوّا فقد أبعدت من رومك المرمى |