ولا يصح ـ مطلقا ـ حذفهما معا ، ولا حذف أحدهما. إلا «ليس» ، فيجوز حذف خبرها ، وإلا «كان» فيجوز فى أسلوبها أنواع من الحذف. وسيجىء البيان عند الكلام عليهما.
وألا يتقدم الخبر عليها إذا كان اسما متضمنا معنى الاستفهام ؛ وهى مسبوقة بأحد حرفى النفى : «ما» أو : «إن» ؛ فلا يقال : أين ما يكون الصديق؟ ولا أين إن يكون الصديق؟ ولا أين ما زال العمل؟ لأنّ «ما» و «إن» النافيتين لهما الصدارة فى كل جملة يدخلان عليها ؛ فلا يصح أن يسبقهما شىء من تلك الجملة ، وإلا كان الأسلوب فاسدا(١) ...
وأن صيغتها حين تكون بلفظ الماضى ، وخبرها جملة فعلية مضارعية ـ لا بد أن يماثلها زمن هذا المضارع ؛ فينقلب ماضيا (٢) ـ عند عدم وجود مانع ـ ؛ ففى مثل : أصبح العصفور يغرد ـ يكون زمن المضارع «يغرد» ماضيا ، مع أن الفعل مضارع ، ولكنه ـ هو وكل الأفعال المضارعة ـ يتابع زمن الفعل الماضى الناسخ ، بشرط عدم المانع الذى يعينه لغيره ـ كما أشرنا ـ.
وأن أخبارها لا تكون جملة فعلية ماضوية ، ما عدا «كان» فإنها تمتاز بصحة الإخبار عنها بالجملة الماضوية (٣) ...
__________________
(١) راجع منع هذا التقدم فى ص ٥١٦.
(٢) كما سبق هذا عند الكلام على أحوال المضارع من ناحية دلالته الزمنية ـ ص ٥٨ ـ.
(٣) راجع حاشية الألوسى على «القطر» ص ٣٤. غير أن المراجع الأخرى تضطرب فى هذا الحكم ، وتختلف اختلافا واسعا (تبدو صور منه فى حاشية ياسين على التصريح ، ج ١ ، أول هذا الباب ، وفى الهمع ج ١ ص ١١٣ ...) وخير ما يستخلص من تلك الآراء هو : ا ـ ما قاله الهمع ؛ ونصه (شرط ما تدخل عليه : «صار» وما بمعناها ، و «دام» و «زال» وأخواتها ـ ألا يكون خبره فعلا ماضيا (يريد جملة ماضوية) فلا يقال : صار زيد علم ، وكذا البواقى ... ؛ لأنها تفهم الدوام على الفعل ، أو اتصاله بزمن الإخبار ، والماضى يفهم الانقطاع ؛ فتدافعا. وهذا متفق عليه ...) اه.
ب ـ أما فى غير تلك الأفعال فالمستحسن غاية الاستحسان ـ وإن لم يبلغ حد الوجوب ـ هو اقتران الخبر بالحرف : «قد» إن كان الفعل الناسخ وفعل الخبر ماضيين معا ، أو مضارعين معا. فمتى تماثل فى نوعهما الفعلان ـ الفعل الناسخ والفعل الذى فى خبره ـ فالمستحسن تصدير الخبر بالحرف ، «قد».
وتمتاز «كان» بجواز مجىء «قد» وعدم مجيئها فى الحالات السالفة ، كما تشهد بهذا النصوص العالية الفصيحة.