أما فى غير الأمور المشتركة السالفة فلكل فعل معناه الخاص مع معموليه (١) وشروطه الخاصة التى سنعرضها فيما يلى :
كان : نفهم معناها من مثل : كان الطفل جاريا ؛ فهذه الجملة يراد منها إفادة السامع أن الطفل موصوف بشىء ؛ هو : «الجرى» ، وأن الجرى فى زمن ماض ؛ بدليل الفعل : «كان».
ولو قلنا : يكون الطفل جاريا ـ لكان المراد إفادة السامع أن الطفل موصوف بشىء ؛ هو : «الجرى» ، وأن الجرى فى زمن حالى أو مستقبل ، بدليل الفعل المضارع : «يكون».
ولو قلنا : كن جاريا ـ لكان المراد إفادة السامع أن المخاطب موصوف بتوجه طلب معين إليه ؛ هو ؛ مباشرة الجرى ، أى : مطالبته بالجرى فى المستقبل ؛ بدليل فعل الأمر : «كن».
مما سبق نفهم المراد من قول النحاة : «كان» مع معموليها تفيد مجرد اتصاف اسمها بمعنى خبرها اتصافا مجردا (٢) فى زمن يناسب صيغتها. فإن كانت صيغتها فعلا ماضيا فالزمن ماض ، بشرط ألّا يوجد ما يجعله لغير الماضى. ، وإن كانت صيغتها فعلا مضارعا فالزمن صالح للحال والاستقبال (٣) بشرط لا يوجد ما يجعله لغيرهما ، وإن كانت صيغتها فعل أمر فالزمن مستقبل ؛ إن لم يوجد ما يجعله لغيره ـ.
وقد تستعمل «كان» الناسخة بمعنى : «صار» (٤) فتأخذ أحكامها ، وتعمل
__________________
(١) لأن الفعل وحده بدون معموليه لا يحقق الغرض ؛ لأنه يدل على مجرد حصول شىء غير معين ولا محدد ـ فى زمن خاص! ولا يدل على أكثر من هذا ؛ كالصبح فى : أصبح ، والمساء فى ، أمسى ، والضحا : فى أضحى ... ويكون الزمن ماضيا أو حالا أو مستقبلا على حسب نوع الفعل الناسخ. أما الفعل مع معموليه فيدل على اتصاف الاسم بمعنى الخبر فى زمن معين ، انصافا ينشأ عنه أن تؤدى الجملة معناها المطلوب كاملا واضحا.
(٢) اتصافا مجردا ؛ أى : لا زيادة معه ؛ لأنها لا تدل بصيغتها على نفى ، أو دوام ، أو تحول ، أو زمن خاص ؛ كالصباح ، والمساء ، والضحا ، ولا على غير ذلك مما تدل عليه أخواتها. حقا إنها تدل على الزمن الماضى أو غيره ، ولكن دلالتها عليه مطلقة ؛ إذ لا تقييد. فيها بالصباح ، أو المساء ، أو غيرهما.
(٣) بشرط أن يكون المضارع حقيقيا ؛ أى : غير مصحوب بما يجعل زمنه للماضى فقط : مثل :«لم» ، أو للمستقبل فقط ؛ مثل : سوف ، أو للحال مثل : «ما» النافية.
(٤) سيجىء فى ص ٥٠٤ الكلام على «صار» ، وشروطها ، ومعنها الذى هو : التحول والانتقال من حالة إلى أخرى ...