على الوجه الذى شرحناه (١) ولا مانع من دخولها على المبتدأ النكرة (٢) ... فيصير اسما لها ؛ إذ لا يشترط فى اسمها أن يكون معرفة فى الأصل.
ومما سبق يتبين أن النواسخ بحسب التغيير (٣) الذى تحدثه ثلاثة أنواع : نوع يرفع اسمه وينصب خبره ـ فلا يرفع فاعلا ، ولا ينصب مفعولا ـ مثل : «كان
__________________
(١) لا تدخل النواسخ. على المبتدأ إذا كان واحدا مما يأتى :
ا ـ المبتدأ الذى له الصدارة الدائمة فى جملته بحيث لا يصح أن يتقدم عليه شىء ؛ كأسماء الشرط ، وأسماء الاستفهام ، وكم الخبرية ، والمبتدأ المقرون بلام الابتداء ... ويستثنى من هذا النوع الذى له الصدارة فى جملته ـ ضمير الشأن فيجوز أن تدخل النواسخ عليه (وقد تقدم عليه الكلام فى باب الضمير ص ٢٢٦).
وكذلك يستثنى المبتدأ إذا كان اسم استفهام أو مضافا لاسم استفهام ؛ فيجوز أن تدخل عليه «ظن وأخواتها» مع استيفائهما الفاعل ، ومع تقديم اسم الاستفهام وجوبا على الناسخ ، نحو : أيّهم ظننت أفضل ، وغلام أيّهم ظننت أفضل. ولا تدخل هنا ، «كان» ، ولا «إن» ولا أخواتهما ؛ لأن الاسم فى بابى «كان وإن» لا يتقدم على العامل ، وأما الخبر فيجوز أن يتقدم فى بابى «كان وظن» وأخواتهما إذا كان اسم استفهام ، أو مضافا إلى اسم استفهام ، نحو : أين كنت؟ وأين ظننت محمودا ... ، بشرط ألا يمنع من التقدم مانع سيجىء عند الكلام على تقدم خبر «كان». أما خبر «إن» وأخواتها فلا يتقدم.
ب ـ المبتدأ الذى يجب حذفه ، وخبره نعت مقطوع. وقد تقدم الكلام عليه فى ص ٤٦٣.
ج ـ كلمات معينة لم تقع إلا مبتدأ فى الأساليب الواردة التى لا يجوز تغيير هيئتها ؛ لأنها جرت مجرى الأمثال ، والأمثال لا تتغير ؛ كالكلمات الملازمة للابتداء. فى نحو : لله در الخطيب ، ونحو أقل رجل يفعل ذلك ، (وقد سبق الكلام عليهما فى باب المبتدأ ـ ص ٤٣٠ و ٤٠٨) ، ونحو : «ما» التعجيبة. فى مثل ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا. وهذا النوع يسمى : «اللازم للابتداء بنفسه» (أى : بسبب مزية فى نفسه امتاز بها ؛ وهى : أن العرب خصته بالابتداء فلم تستعمله إلا مبتدأ). وكل هذا يسمى : «الاسم غير المتصرف فى استعماله ؛» لأنه مقصور على ضبط واحد ، وطريقة واحدة فى الاستعمال ، لا يتجاوزها. وليس من اللازم أن يكون مرفوعا ، فمن أنواعه ما هو مقصور على النصب ـ أو غيره ـ كالمنصوب على المصدرية لداع ؛ كنيابته عن فعل الأمر فى مثل : «سقيا ورعيا» ، (وقد سبق الكلام عليهما فى ص ٤٦٩) ، فليس أصله المبتدأ الذى يصلح لدخول النواسخ عليه.
ومما يتصل بهذا المبتدأ : «المقصور ـ فى الغالب ـ على معنى واحد لا يستعمل فى غيره» ؛ كالدعاء أو القسم ، أو غيرهما ، مع ملازمته صيغة واحدة لا تتغير صورتها ، ومع ملازمته الإفراد ؛ فلا يكون مثنى ، ولا جمعا ؛ كقولهم فى الدعاء : طوبى للأمين ، ولا يكون الخبر لكلمة : «طوبى» إلا الجار مع مجروره ، (كما سبق فى ص ٤٣٦) ـ ومن أمثلته أيضا قول على ـ رضى الله عنه ـ طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس. وويل للخائن ، وسلام على المصلح ، واللفظان الأخيران يستعملان فى غير الابتداء أحيانا ـ كما سيجىء البيان فى موضعه المناسب ، ج ٢ ص ١٨٨ م ٨٦ ـ وقولهم فى القسم : أيمن الله لألتزمن الإنصاف ـ ولهذا القسم بيان يتصل بتركيبه فى رقم ٢ من ص ٤٧٢ ـ.
د ـ اللازم للابتداء بسبب غيره ، كالاسم الواقع بعد «لو لا» الامتناعية ، وإذا الفجائية ... فإنهما لا يدخلان إلا على المبتدأ ؛ مثل : لو لا العلوم ما تقدمت الحضارة ، ومثل : خرجت فإذا الأصدقاء.
(٢) كما سبق فى رقم ٣ من هامش ص ٤٤١ وفى رقم ١١ من ص ٤٤٣.
(٣) أما النواسخ بحسب صيغتها وتكوينها اللفظى فثلاثة أنواع أيضا ، أفعال ، مثل : كان وأخواتها ، وأسماء وهى المشتقات من مصادر تلك الأفعال التى يمكن الاشتقاق منها ؛ مثل كان ، وأصبح ، وأمسى ... وحروف مثل : «ما» الحجازية من أخوات كان ... ومثل إن وأخواتها.