والأول أحسن ؛ لاعتبارين ؛
«أولهما» : مطابقته لقاعدة عامة ؛ هى : أن الأصل فى المبتدأ أن يكون له خبر أصيل ، لا شىء آخر ـ كالحال ـ يسدّ مسدّه ، وأن هذا الخبر الأصيل يصح حذفه لدليل.
«ثانيهما» : أنه يصلح لكل التراكيب التى تتصل بموضوعنا. ومن هذه التراكيب ما يكون فيه المبتدأ غير مستوف للشروط التى تجعله يستغنى بالحال عن الخبر كالمثالين المعروضين هنا ، وأشباههما .... (١)
__________________
(١) لم يتعرض ابن مالك فى ألفيته لمواضع حذف المبتدأ ـ وقد ذكرناها من قبل فى ص ٤٦٠ و ٤٦٣ ـ واقتصر على مواضع حذف الخبر الواجب حيث يقول :
وبعد «لو لا» غالبا ـ حذف الخبر |
|
حتم ، وفى نصّ يمين ذا استقر |
فهذا البيت يتضمن موضعين من مواضع حذف الخبر وجوبا ؛ أحدهما : بعد. «لو لا» والآخر الخبر الذى يكون مبتدؤه نصا فى اليمين. ويريد بقوله : «غالبا» ، أى فى أغلب الآراء وأكثرها ؛ لأن هناك آراء أخرى غير هذا. ففى الآراء الغالبة لكثرة النحاة أن حذفه «حتم» ، أى : واجب. وهذا الحكم بالوجوب استقر ؛ أى : ثبت فى حالة أخرى هى حالة الخبر الذى يكون لمبتدأ نص فى اليمين. ثم قال :
وبعد واو عيّنت مفهوم مع |
|
كمثل : كلّ صانع وما صنع |
وقبل حال لا يكون خبرا |
|
عن الّذى خبره قد أضمرا |
يريد بالبيت الأخير : أن الخبر يحذف وجوبا قبل حال لا تصلح أن تكون خبرا للمبتدأ الذى خبره قد أضمر .. أى : قد حذف وقدّر ، وضرب مثالين لتلك الحال ؛ أحدهما فيه المبتدأ مصدر .. والآخر فيه المبتدأ أفعل التفضيل المضاف. فيقول :
كضربى العبد مسيئا ، وأتم |
|
تبيينى الحقّ منوطا بالحكم |
أى : أتم .....