السالف. فكلمة «قراءة» مبتدأ ، وهى مصدر مضاف ، والياء مضاف إليه ، «النشيد» مفعول به للمصدر ، فهو المعمول للمصدر ـ «مكتوبا» حال منصوب ولا تصلح أن تكون خبرا لهذا المبتدأ ؛ إذ لا يقال : قراءتى مكتوب. وإنما الخبر ظرف محذوف مع جملة فعلية أضيف لها ، والتقدير ؛ قراءتى النشيد إذا كان مكتوبا ، أو إذ كان مكتوبا (١) وقد حذف الخبر الظرف بمتعلّقه ، ومعه المضاف إليه ؛ لوجود ما يدل عليه ، ويسد مسده فى المعنى ؛ وهو ؛ الحال التى صاحبها الضمير ، الفاعل ، المحذوف مع فعله.
ومثله : مساعدتى الرجل محتاجا ، أى : إذا كان أو إذ كان محتاجا. «فمحتاجا» حال لا تصلح من جهة المعنى أن تكون خبرا لهذا المبتدأ ، إذ لا يقال : مساعدتى محتاج (وصاحب هذه الحال هو الضمير الفاعل المحذوف مع فعله). و «الرجل» مفعول به للمصدر ـ فهو معموله ـ ومثل هذا يقال فى شربى الدواء سائلا ، وأكلى الطعام ناضجا ـ .. و...
فإن كانت الحال صالحة لوقوعها خبرا للمبتدأ المذكور وجب رفعها لتكون هى الخبر ؛ فلا يصح إكرامى الضيف عظيما ، بل يتعين أن نقول : إكرامى الضيف عظيم ... بالرفع على الخبر (٢) ...
__________________
(١) نجىء بكلمة : «إذ» حين يكون الغرض من الكلام الزمن الماضى ؛ لأن «إذ» تستعمل فى الغالب ظرفا للماضى. ونجىء بكلمة «إذا» حين يكون الغرض الزمن الحالى ، أو المستقبل ، أو المستمر ، لأن «إذا» تستعمل ظرفا فى كل هذا ـ غالبا ـ «وكان» فى المثالين تامة ، وفاعلها مستتر تقديره : «هو» صاحب الحال. والخبر المحذوف هو الظرف : «إذ أو إذا» وهو مضاف والجملة الفعلية التى بعده مضاف إليه ، وقد حذفت معه.
(٢) قد يخطر على البال السؤال عن السبب فى استعمال هذا الأسلوب ، وإيثاره ، مع أنه قد يبدو غريبا. ويجيب كثرة النحاة بأنه يفيد معنى دقيقا خاصا ؛ هو قصر هذا المبتدأ على الحال ـ غالبا ـ أى : حصر معنى هذا المبتدأ فى الحال ؛ فكان الناطق بمثال من تلك الأمثلة السالفة ـ ونظيرتها ـ يقول : قراءتى النشيد لا تكون إلا فى حال كتابته ، أما فى غيرها فلا أقرؤه ـ مساعدتى الرجل مقصورة على حالة احتياجه ، أما فى غيرها فلا أساعده. وهكذا ... وعندهم أننا لو لم نصطنع هذا الأسلوب بطريقته المأثورة عن العرب لحرمنا ما يحققه من الغرض المعنوى السالف الذى يقررونه فى أكثر الصور.
أما إعراب هذا التركيب فموضع جدل عنيف يثير الدهش والأسف ، لعدم جدواه. ويقول صاحب الهمع (ج ١ ص ١٠٤) إن مسألة الحال التى تسد مسد الخبر : (مسألة طويلة الذيول ، كثيرة الخلاف ، وقد أفردتها قديما بتأليف مستقل) ، ثم عرض ـ كغيره ـ للقليل من تلك الآراء المختلفة فلم يزدنا بسردها وبجدل أصحابها إلا دهشا ، وأسفا بل استنكارا لطول الذيول ، وكثرة الخلاف ، والتأليف المستقل فيما لا غناء فيه.
لنترك هذا لنقول إن الإعراب الذى ذكرناه هو أحد تلك الآراء المتعددة والذين ارتضوه أكثر من غيرهم ، ويوجبون أن يكون الظرف (إذ ـ أو : إذا) متعلق بمحذوف هو الخبر الأصيل. ـ