هذه الجمل؟ معناها (الفلاح وحقله متلازمان) ـ (الصانع ومصنعه متلازمان) وهكذا الباقى ...
وإذا تأملت تركيب واحدة منها (مثل : الفلاح وحقله) عرفت أنها مركبة من مبتدأ ؛ هو : «الفلاح». بعده واو تفيد أمرين (١) معا ، هما : العطف ، والمعية ، وبعد هذه الواو يجىء المعطوف على المبتدأ ، ويشاركه فى الخبر ، ثم يجىء بعده الخبر. لكن أين الخبر الواقع بعد المعطوف؟ إن الخبر محذوف نفهمه من الجملة ؛ وهو كلمة : «متلازمان» أو : «متصاحبان» أو : «مقترنان» أو : ما يدل على الملازمة والمصاحبة التى توحى بها الواو التى بمعنى : «مع» وتدلّ عليها فى وضوح ظاهر للسامع. ومثل هذا يقال فى الأمثلة الأخرى. فإن لم تكن الواو نصّا فى المعية لم يكن حذف الخبر واجبا ؛ وإنما يكون جائزا عند قيام دليل يدل عليه ؛ نحو : الرجل وجاره مقترنان ، أو : الرّجل وجاره ، فقط ؛ لأن الاقتصار على المتعاطفين يفيد الاشتراك والاصطحاب. أما جواز ذكر المحذوف فلأن الواو هنا ليست نصّا فى المعية ، إذ الجار لا يلازم جاره ، ولا يكون معه فى الأوقات كلها ، أو أكثرها.
٤ ـ الخبر الذى بعده حال تدل عليه ، وتسد مسده ، من غير أن تصلح فى المعنى لأن تكون هى الخبر ؛ نحو : «قراءتى النشيد مكتوبا». وذلك فى كل خبر لمبتدإ ، مصدر ، وبعد هذا المصدر معموله ، ثم حال ، تدل على الخبر المحذوف وجوبا ، وتغنى عنه ، ولا تصلح (٢) فى المعنى أن تكون خبرا لهذا المبتدأ ... (٣) ؛ كالمثال
__________________
ـ كل رجل) كما لا يصح عودته إلى «رجل» ؛ وإلا كان المعنى : (كل رجل يقارن حرفة رجل واحد ، أى : كل رجل وحرفة رجل واحد مقترنان) والمعنيان فاسدان. والجواب أن كلمة : «كل» فى قوة افراد متعددة ؛ فكأنك تقول : أفراد متعددة. فالضمير العائد عليها أو على ما أضيفت إليه (مثل : رجل) يكون من مقابلة الجمع بالجمع ، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضى القسمة آحادا ، كما فى قولك ركب القوم دوابهم ؛ إذ معناه ركب كل واحد من القوم دابته. فكذلك هناك ؛ ويكون المعنى : كل فرد وحرفته مقترنان.
أو : محمد وحرفته ، وعلى وحرفته ، وهكذا.
(١) وهذه الواو التى للمعية والعطف معا لا تدخل هنا إلا على الاسم المعطوف بها ، ولا تدخل على فعل ، فهى غير نظيرتها الأخرى التى تفيد المعية والعطف مجتمعين مع دخولها على مضارع يجب نصبه بأن مضمرة بشرط أن يكون مسبوقا بنفى أو طلب محض على الوجه الموضح فى ج ٤ باب إعراب الفعل ـ مثل لم يتصدق النبيل فيفتخر. وهى غير «واو المعية» المشار إليها فى رقم ٤ من هامش الصفحة السابقة.
(٢) حقيقة لا مجازا ؛ لأنها قد تصلح من باب المجاز إذا وجدت له علاقة وقرينة.
(٣) تتخلف الشروط المذكورة فى حالة تجىء فى «ب» من ص ٤٧٨.