الكلام لعمر الله قسمى ... لأمانة الله قسمى ... لحياة أبى قسمى ...
لأيمن الله قسمى (١) ... ومن الأمثلة قول الشاعر :
لعمرك ما الأيام إلا معارة (٢) |
|
فما اسطعت (٣) من معروفها فتزوّد |
فالمبتدأ فى كل مثال كلمة صريحة الدلالة على القسم ، غلب استعمالها فيه فى عرف السامع لها ، ولذلك حذف خبرها ؛ (وهو : قسمى) لأنها تدل عليه ، وتغنى عنه ، ولا يصح أن يكون المحذوف فى الأمثلة السابقة هو المبتدأ.
وهناك سبب آخر قوى يحتم أن يكون المحذوف هو الخبر ؛ ذلك السبب وجود لام الابتداء فى أول كل اسم ؛ إذ يدل وجودها على أن المذكور هو المبتدأ دون الخبر ؛ لأن الغالب عليها أن تدخل على المبتدأ لا على الخبر ؛ ليكون لها الصدارة الحقيقية. فإن لم يكن المبتدأ نصّا فى اليمين ، أو لم توجد لام الابتداء ـ لم يكن حذف الخبر واجبا ، وإنما يكون جائزا ، نحو : عهد الله قسمى لا أرتكب ذنبا. أمر الدين قسمى لا أفعل إساءة ؛ بإثبات الخبر أو حذفه.
٣ ـ أن يقع الخبر بعد المعطوف بواو تدل دلالة واضحة على أمرين مجتمعين ، هما : العطف ، والمعية (٤) ؛ نحو : الطالب وكتابه ...
ولبيان هذا نسوق المثال الآتى : إذا أقمت فى بلد تراقب أهله ؛ فرأيت الفلاح يلازم حقله ، والصانع يلازم مصنعه ، والتاجر متجره ، والملّاح سفينته ، والطالب معهده ، وكل واحد من أهلها يتفرغ لشأنه ، لا يكاد يتركه. ثم أردت أن تصفهم. فقد تقول : شاهدت أهل البلد عاكفين على أعمالهم ، منصرفين لشئونهم ؛ (الفلاح وحقله) ـ (الصانع ومصنعه) ـ (التاجر ومتجره) ـ (الملاح وسفينته) ـ (الطالب ومعهده) ـ (كل رجل وحرفته) (٥). فما معنى كل جملة من
__________________
(١) أيمن الله : بركته. (انظر «ج» من هامش ص ٤٩٤).
(٢) سلفة ترجع لصاحبها بعد حين.
(٣) أى : استطعت.
(٤) معنى المعية هنا : مشاركة ما بعد الواو (وهو المعطوف) لما قبلها (وهو المعطوف عليه) فى أمر بحيث يجتمعان فيه ، ولا يراد أن ينفرد أحدهما به. وعلامة الواو التى تفيد الأمرين معا : (العطف والمعية) وتكون نصا فى المعية ـ أن يصح حذفها ، ووضع كلمة «مع» مكانها فلا يتغير المعنى ؛ بل يزداد وضوحا. والواو هنا غير التى ينصب الاسم بعدها على أنه مفعول معه طبقا لما سيجىء فى بابه ـ ج ٢ ـ وهى غير «واو المعية» المشار إليها فى رقم ١ من هامش الصفحة الآتية.
(٥) نشير هنا إلى إشكال يورده النحاة فى مثل هذا التركيب ويجيبون عنه ؛ هو : أنه لا يصح عود الضمير إلى «كل» وإلا صار المعنى كل رجل وحرفة كل رجل مقترنان ، وهذا يؤدى إلى : كل رجل يقارن حرفة