مواضع حذف الخبر وجوبا ، أشهرها خمسة :
١ ـ أن يقع الخبر كونا عامّا (١) والمبتدأ بعد «لولا (٢) الامتناعية» ، نحو : لو لا عدل الحاكم لقتل الناس بعضهم بعضا. ولو لا العلم لشقى العالم. ولو لا الحضارة ما سعد البشر ... أى : لو لا العدل موجود ... لو لا العلم موجود ... لو لا الحضارة موجودة ... فالخبر محذوف قبل جواب : «لو لا» ...
ومن هذه الأمثلة وأشباهها يتضح أن الخبر يحذف وجوبا بشرطين : وقوعه كونا عامّا ، ووجود لو لا الامتناعية قبل المبتدأ. فإن لم يتحقق أحد الشرطين أو هما معا تغير الحكم ؛ فإن لم توجد «لو لا» فإنّ حكم الخبر من ناحية الحذف وعدمه كحكم غيره من الأخبار كلها ؛ وقد سبق الكلام عليها. وإن لم يقع كونا ـ عامّا بأن كان خاصّا ـ وجب ذكره ؛ نحو : لو لا السفينة واسعة ما حملت مئات الركاب. لو لا الطيار بارع ما نجامن العاصفة ؛ فكلمة : «واسعة» وكلمة : «بارع» ـ خبر من نوع الكون الخاص الذى لا دليل يدل عليه عند حذفه ، فيجب ذكره ؛ فإن دل عليه دليل جاز فيه الحذف والذكر ؛ نحو : الصحراء قحلة لعدم وجود الماء بها ؛ فلولا الماء معدوم لأنبتت ـ دخل اللص الحديقة لغياب حارسها ؛ فلولا الحارس غائب لخاف اللص. ـ اضطرب البحر من شدة الهواء. فلولا الهواء شديد ما اضطرب. فكل من : «معدوم» و «غائب» و «شديد» قد وقع خبرا ، وهو كون خاص ، فيجوز ذكره وحذفه ؛ لوجود ما يدل عليه عند الحذف (٣).
٢ ـ أن يكون لفظ المبتدأ نصّا فى القسم (٤) ، نحو : لعمر الله (٥) لأجيدنّ عملى ـ لأمانة الله لن أهمل واجبى ـ لحياة أبى لا أنصر الظالم ـ لأيمن الله لأسرعنّ للملهوف ... فالخبر محذوف فى الأمثلة كلها قبل جواب القسم. وأصل
__________________
(١) أى : يدل على مجرد الوجود العام من غير زيادة عليه. وقد سبق شرح هذا فى ص هامش ٤٣١.
(٢) «لو لا» التى هى حرف امتناع لوجود ، بخلاف «لو لا التحضيضية» ، فلا يليها المبتدأ. ومثل : «لو لا» الامتناعية : «لو لا» التى تفيد الامتناع أيضا ، فيجب حذف الخبر بعدها.
(٣) ما ذكرناه من حكم الخبر بعد : «لو لا» هو أصفى مذاهب النحاة ، وأحقها بالقبول ؛ لمسايرته الأصول اللغوية العامة.
(٤) بحيث يغلب استعماله فى القسم غلبة واضحة فى الاستعمال ؛ فيدرك السامع أنه قسم قبل أن يسمع المقسم عليه.
(٥) لحياة الله : فهو حلف بوجود الله.