وإذا كان النعت مرفوعا فى الأصل جاز قطعه إلى النصب ، ذا كان منصوبا جاز قطعه إلى الرّفع وإذا كان مجرور جاز قطعه للرفع أو النصب ، والذى يتصل بموضوعنا هو : النعت المقطوع إلى الرفع حيث يعرب بعد القطع خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا ولا يجب الحذف إلا بشرظ أن يكون أصل النعت للمدح ، أو الذم ، أو الترحم ، دون غيرها ـ كما سبق ـ.
٢ ـ المخصوص بالمدح أو الذم.
وبيانه : أن فى اللغة أساليب للمدح ، وأخرى للذم ، وكلاهما يؤلّف بطريقة معينة ، وصور مختلفة ، مشروحة فى أبوابها (١) النحوية. فمن أساليب المدح : أن تقول فى مدح زارع اسمه حليم : «نعم الزارع حليم». وفى ذم صانع اسمه سليم : «بئس الصانع سليم» ... فالممدوح هو «حليم» ويسمى : «المخصوص بالمدح» والمذموم هو : «سليم» ويسمى : «المخصوص بالذم». ومثلهما : «نعم الوفى
__________________
ـ أما السبب فى تحويلها من نعت مفرد فى جملة إلى خبر مرفوع ، أو إلى مفعول به ، فى جملة جديدة مستقلة بنفسها ، لا صلة فى الإعراب بينها وبين سابقتها. فسبب بلاغى ؛ ذلك أنهم حين يرون أهمية هذه الكلمة ، وجلال معناها ، وأن هذا المعنى جدير بالتنويه ، وتوجيه الأبصار والأسماع إليه يحولونها عن سياقها المألوف ، وإعرابها الطبيعى ؛ بقطعها وجوبا من جملتها ، وإدخالها فى جملة جديدة ؛ الغرض منها إنشاء المدح ، أو الذم ، أو الترحم ؛ فتكون دلالة الجملة الجديدة على تحقيق المراد أقوى وأظهر من دلالة الكلمة المفردة.
وقد يكون القصد من القطع تقوية التخصيص ؛ إذا كان وقوعه بعد نكرة ؛ نحو : مررت بأسد فى قفصه زائر أو زائرا. أو : تقوية الإيضاح إذا كان وقوعه بعد معرفة ؛ نحو : أصغيت لعلى الشاعر ؛ فيكون الحذف فيهما جائزا.
هذا وليس من اللازم فى النعت المنقطع أن يكون مجرورا فى الأصل تبعا للمنعوت ، بل يجوز أن يكون مرفوعا فى حالته الأولى ، أو منصوبا ؛ تبعا لذلك المنعوت. فإن كان المنعوت مرفوعا جاز فى نعته المرفوع النصب على القطع ، ولا يجوز الرفع ؛ منعا للالتباس ؛ لأنه إن رفع فلن يعرف أنه مقطوع. وإن كان المنعوت منصوبا جاز قطع النعت إلى الرفع فقط ؛ ولا يجوز قطعه إلى النصب : منعا للالتباس كذلك. أما إذا كان المنعوت مجرورا فيجوز قطعه إلى الرفع ، أو النصب ، كما سبق ؛ إذ لا لبس مع أحدهما.
وقد قلنا : إن المنصوب بعد القطع لا يعرب نعتا ؛ فقد دخل فى جملة جديدة مستقلة بإعرابها ؛ لأنها ـ فى الرأى الشائع ـ جملة مستأنفة إنشائية (من نوع الإنشاء غير الطلبى). فلو ظهر الفعل المحذوف حذفا واجبا لأوهم أن الكلام خبرى. وقد حمل على حذف الفعل وجوبا ، حذف المبتدأ ... وجوبا أيضا.) ولا يجوز القطع إلا إذا كان المنعوت معرفة ، أو نكرة خاصة. كما أن الفعل والمبتدأ يكون حذفهما واجبا مع النعت المقطوع الذى أصله للمدح أو الذم أو الترحم. أما غيره فالحذف جائز ، لا واجب ـ كما تقدم ، وكما سيجىء فى باب النعت ، وقد سبقت إشارة لبعض هذا فى رقم ١ من هامش ٢٨٨ عند الكلام على بعض أحكام العلم.
(١) مثل باب نعم وبئس وما جرى مجراهما. وسيجىء فى الجزء الثالث.