المسألة ٣٩ :
حذف المبتدأ والخبر
يحذف كل منهما جوازا أو وجوبا فى مواضع معينة ؛ فيجوز حذف أحدهما إن دل عليه دليل ، ولم يتأثر المعنى بحذفه (١) ؛ فمثال حذف المبتدأ جوازا أن يقال : أين الأخ؟ فيجاب : فى المكتبة. فالجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «الأخ». وأصل الكلام : «الأخ فى المكتبة». حذف المبتدأ جوازا ؛ لوجود ما يدل عليه ، مع عدم تأثر المعنى بحذفه. ومن الأمثلة أيضا أن يقال : كيف الحال؟ فيجاب ... «حسن». فكلمة : «حسن» خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «الحال». وأصل الجملة : «الحال حسن» حذف المبتدأ جوازا ؛ لوجود ما يدل عليه ، مع عدم تأثر المعنى بحذفه ... وهكذا (٢).
ومثال حذف الخبر جوازا أن يقال : من فى الحقل؟ فيجاب : «علىّ». فكلمة «على» مبتدأ مرفوع ، والخبر محذوف تقديره : «فى الحقل». وأصل الكلام. «علىّ فى الحقل». حذف الخبر جوازا لوجود ما يدل عليه ، مع عدم تأثر المعنى بحذفه. ومثله : ماذا معك؟ فيقال : «القلم» ، فكلمة : «القلم» مبتدأ مرفوع ،
__________________
(١) هذا الحذف تطبيق لقاعدة لغوية عامة ، تشمل المبتدأ والخبر وغيرهما ؛ ومضمونها. أن الحذف جائز فى كل ما يدل الدليل عليه ؛ بشرط ألا يتأثر المعنى أو الصياغة بحذفه تأثرا يؤدى إلى عيب وفساد. ويريدون بالدليل : القرينة الحسية (ومنها اللفظية) أو العقلية التى ترشد إلى لفظ المحذوف ومعناه ، وإلى مكانه فى جملته. وقد سبقت الإشارة لهذا فى رقم ١ من هامش ص ٤٤٩ ـ ويريدون بعدم تأثر المعنى : بقاءه على حاله قبل الحذف ؛ فلا ينقص ، ولا يصيبه لبس ، أو خفاء ـ انظر «ا» من ص ٤٤٤.
(٢) يكثر حذف المبتدأ جوازا فى جواب الاستفهام ؛ نحو : ما الحديد؟ فيقال : معدن. أى : هو معدن. ومنه قوله تعالى : (ما أَدْراكَ ما هِيَهْ؟ نارٌ حامِيَةٌ) أى : هى نار حامية ... وقوله : (أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ؟)(... النَّارُ ...) أى : هو النار. وكذلك بعد الفاء الداخلة على جواب الشرط ؛ نحو : من يعمل صالحا فلنفسه ... أى : فعمله لنفسه. وكذلك بعد القول : مثل : الآية الكريمة التى تسجل كلام الكفار عن القرآن بأنه أساطير الأولين وهى : (قالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ..) أى : (هو : أساطير الأولين). وقد يحذف جوازا فى غير هذه المواضع ؛ مثل قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها.) وقوله : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ...) أى : هذه ...