المعنى بين التوكيد ، والترجى أو الظن ... فقد صار اللبس محتملا لفظا وكتابة ومعنى بسبب تأخير الخبر ، ولو تقدم لامتنع اللبس ، إذ الحكم الثابت «لإن» المكسورة الهمزة المؤكّدة ، و «أنّ» المفتوحة الهمزة التى بمعنى «لعل» أن كلا منهما مع معموليه جملة ، وأن كلا منهما لا يجوز تقديم معمول خبره عليه ؛ سواء أكان المعمول ظرفا أم غير ظرف (١). ولهذا يسهل الاهتداء إلى إعراب الظرف فى المثال السابق ، وأشباهه ، وأنه خبر وليس معمولا للخبر متقدما عليه ؛ إذ لو لم نعربه خبرا واعتبرنا الحرف : «أنّ» توكيد (وهى المفتوحة الهمزة ، المشددة النون) لكان المصدر المؤول منها ومن معموليها مبتدأ ، ولا نجد له خبرا ؛ وهذا لا يصح. ولو اعتبرناها بصورتها هذه بمعنى : «لعل» لم يصح تعليق الظرف المتقدم بخبرها إذ لا يجوز تقديم شىء من معمولات خبرها عليها ـ كما قلنا ـ. وكذلك لو اعتبرناها «إن» المكسورة الهمزة ، المشددة النون ، للتوكيد. فلم يبق بدّ من إعراب ذلك الظرف خبرا متقدما. فتقدمه ـ أو غيره من المعمولات ـ يحتم أمرين :
(ا) تعيين نوع «أنّ» التى بعده ؛ فتكون للتوكيد ، مفتوحة الهمزة مشددة النون.
(ب) أنه خبر متقدم وليس معمولا لخبرها.
كما أن تأخيره يوجب أمرين :
(ا) اعتبار «أن» (مفتوحة الهمزة ، مشددة النون) بمعنى «لعل» أو كسر همزتها مع تشديد نونها لتكون للتوكيد.
(ب) إعرابه فى الصورتين معمولا للخبر وليس خبرا.
ولا شك أن كل اعتبار من الاعتبارات السالفة يؤدى إلى معنى يخالف الآخر.
هذا وإنما يكون تقديم خبر «أنّ» واجبا على الوجه الذى شرحناه بشرط عدم وجود «أما» الشرطية. فإن وجدت جاز تأخير الخبر (٢). إذ المشددة المكسورة الهمزة. وكذا التى بمعنى : «لعل» لا يقعان بعدها (٣) ...
وغاية القول : أنه يجب تقديم الخبر فى كل موضع يؤدى فيه تأخيره إلى لبس ، أو خفاء فى المعنى أو فساد فيه.
__________________
(١) كما هو مبين فى رقم ٣ من هامش ص ٥٧٦ ـ وفى «و» من ص ٥٨٧
(٢) تقول : أما عندى فأنك فاضل. أو : أما أنك فاضل فعندى.
(٣) لأنه لا يجوز الفصل بينها وبين الفاء التى بعدها بجملة اسمية مصدرة ب «إن» مكسورة الهمزة ولا «أنّ» التى بمعنى : «لعل» ـ كما سيجىء فى رقم ٣ من هامش ص ٥٧٤ وسيجىء فى ج ٤ ص ٣٧٩ م ١٦١ تفصيل الكلام على : «أما» وأحكامها.