وأقسامه ثلاثة (١) : ماض ، وهو : كلمة تدل على مجموع أمرين ؛ معنى ، وزمن فات قبل النطق بها. ومن أمثلته قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً ، وَجَعَلَ فِيها سِراجاً ؛ وَقَمَراً مُنِيراً).
ومضارع ، وهو : «كلمة تدل على أمرين معا : معنى ، وزمن صالح للحال والاستقبال. كقوله تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ، وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً ،) ولا بد أن يكون مبدوءا بالهمزة ، أو النون ، أو التاء ، أو الياء (٢) ... وتسمّى هذه الأحرف : «أحرف المضارعة». وفتحها واجب ، إلا فى المضارع الرباعىّ فتضمّ ، وكذا فى : المضارع المبنى للمجهول. أما المضارع : «إخال» فالأفصح كسر همزته لا فتحها.
وأمر ، وهو : كلمة تدل بنفسها على أمرين مجتمعين : معنى ، وهذا المعنى مطلوب تحقيقه فى زمن مستقبل : كقوله تعالى : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ،) ولا بد فى فعل الأمر أن يدل بنفسه مباشرة على الطلب من غير زيادة على صيغته ؛ فمثل «لتخرج» ، ليس فعل أمر ؛ بل هو فعل مضارع ، مع أنه يدل على طلب شىء ليحصل فى المستقبل ؛ لأن الدلالة على الطلب جاءت من لام الأمر التى فى أوله ، لا من صيغة الفعل نفسها (٣).
وقد اجتمعت الأفعال الثلاثة فى قوله تعالى : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ ،
__________________
ـ أنصاره. وهناك بعض أفعال ماضية ، ولكنها سلبت الدلالة على الزمان الماضى بسبب استعمالها للحال فى الإنشاء ، وقيل لا تدل على زمن مطلقا ؛ وإنما تدل على المعنى المجرد المخصصة له ؛ مثل : «فعلى التعجب» فى أكثر أحوالهما ـ كما يجىء فى رقم ٣ من هامش ص ٤٩ وكما يجىء فى بابهما ج ٣ ص ٢٧٥ م ١٠٨ ـ فى هامش ص ٢٧٨ و ٢٩٣ ـ ومثل : «نعم» ، المستعملة فى إنشاء المدح ، و «بئس» المستعملة فى إنشاء الذم ، وسيجىء الإيضاح فى بابهما بالجزء الثالث (راجع حاشية التصريح ج ١ باب «إن» ، عند الكلام على : «لام الابتداء» ، وتاج العروس عند الكلام على مادة كل من الفعلين ، والهمع).
(١) وسيجىء فى ص ٤٩ وما بعدها بيان الأزمنة المختلفة التى يدل عليها الفعل الماضى ، ثم المضارع ، ثم الأمر ، مع ملاحظة أن لكل نوع من الأفعال زمنا خاصا يشتهر به ، ويغلب عليه. لكنه قد يتركه إلى زمن آخر ـ كما سنعرف ـ
ومما تجب ملاحظته أيضا : أن الفعل والجملة بنوعيها الاسمية ، والفعلية ، فى حكم النكرة طبقا للبيان الوارد فى رقم ١ من هامش ١٩٢.
(٢) يجب أن يكون المضارع مبدوءا بالهمزة للدلالة على التكلم ، وأن المتكلم فرد واحد ؛ نحو : إنى أتخير ما أتكلمه وما أقرؤه. ويجب أن يكون مبدوءا بالنون للدلالة على التكلم ، وأن المتكلم فرد واحد يعظم نفسه ، أو أنه فرد واحد معه غيره ؛ مثل : عند الزيارة نحسن استقبالك ، ونكرم ضيافتك. ويجب أن يكون مبدوءا بالتاء لمخاطبة المفرد المذكر ، أو للتحدث عن المفردة الغائبة ؛ نحو : أنت تتقن عملك ، وهى تتقن عملها. ويجب أن يكون مبدوءا بالياء للمفرد ، المذكر الغائب ، نحو : الشجاع يقول الحق لا يخاف شيئا. وإذا كان المضارع مبدوءا بالهمزة أو النون أو التاء ففاعله ضمير مستتر وجوبا طبقا للبيان الآتى فى ص ٢٠٦.
(٣) كما سيجىء فى ص ٦٠.