المسألة ٤ :
الفعل ، وأقسامه ، وعلامة كل قسم.
(ا) فهم الطالب. سافر الرحالة. رجع الغائب.
كل كلمة من الكلمات : «فهم» «سافر» «رجع» ، ... تدل بنفسها مباشرة (من غير حاجة إلى كلمة أخرى) ... على أمرين.
أولهما : معنى ندركه بالعقل ؛ وهو : الفهم ، أو : السفر ، أو الرجوع ، ويسمى : «الحدث» ،
وثانيهما : زمن حصل فيه ذلك المعنى (أى : ذلك الحدث) وانته قبل النطق بتلك الكلمة ؛ فهو زمن قد فات ، وانقضى قبل الكلام.
(ب) وإذا غيرنا صيغة تلك الكلمات فقلنا : «يفهم». «يسافر». «يرجع» ... دلت الكلمة فى صيغتها الجديدة على الأمرين أيضا ؛ المعنى (الحدث) والزمن. ولكن الزمن هنا لم يكن قد فات وانقضى ؛ وإنما هو زمن صالح للحال (١) ، والاستقبال.
(ح) وإذا غيرنا الصيغة مرة أخرى فقلنا : «افهم» ، «سافر» ، «ارجع» ... دلت كل واحدة على الأمرين ؛ المعنى (الحدث) وهو : طلب الفهم ، أو : طلب السفر ، أو : طلب الرجوع. والزمن الذى يتحقق فيه الطلب. والزمن هنا مقصور على المستقبل وحده ؛ لأن الشىء الذى يطلبه إنسان من آخر لا يحصل ولا يقع إلا بعد الطلب وانتهاء الكلام ؛ أى : لا يقع إلا فى المستقبل ... فكل واحدة من تلك الكلمات وأشباهها تسمى : «فعلا». فالفعل :
كلمة تدل على أمرين معا ؛ هما : معنى (أى : حدث) وزمن يقترن به (٢)
__________________
(١) الحال ، هو : الزمن الذى يحصل فيه الكلام ، والاستقبال هو : الزمن الذى يبدأ بعد انتهاء الكلام مباشرة. والماضى هو : الزمن الذى قبل الكلام.
(٢) دلالته على الأمرين هو الأعم الأغلب ؛ لأن الفعل فى التعريفات العلمية لا يدل على زمان ؛ وإنما هو منسلخ عنه ، مجرد منه. ويرى فريق من النحاة أن «كان» الناسخة لا تدل على معنى (حدث) وإنما تقتصر دلالتها على إفادة المضى وحده ، مخالفة أخواتها وأكثر الأفعال الأخرى. ويخالفهم فريق آخر يرى أنها تدل على الأمرين : المعنى والزمن. وقد أشرنا إلى هذا الموضوع فى أول باب : «كان» وأخواتها ، ـ وأوضحنا أن الرأى الثانى هو السديد ؛ لأدلة كثيرة جاوزت العشرة ساقها ـ