المسألة ٣٧ :
تقديم الخبر وجوبا
(وهى الحالة الثالثة له)
يتقدم الخبر وجوبا فى مواضع ؛ أهمها :
١ ـ أن يكون المبتدأ نكرة محضة ، ولا مسوغ للابتداء به إلا تقدم الخبر المختص ؛ ظرفا كان ، أو حارّا مع مجروره (١) ؛ أو جملة ؛ فمثال شبه الجملة : عندك كتاب ـ على المكتب قلم ... فإن كان للمبتدأ مسوغ آخر جاز تقديم الخبر وتأخيره ؛ نحو : عندك كتاب جميل ـ على المكتب قلم نفيس ؛ ويجوز : كتاب جميل عندك ، وقلم نفيس على المكتب. ومثال الجملة : قصدك ولده محتاج. فلا يجوز تقديم المبتدأ ؛ وهو : «محتاج» ؛ لأنه نكرة محضة ، ولأن المبتدأ النكرة إذا تأخر عنه خبره الجملة أو شبه الجملة فقد يتوهم السامع أن المتأخر صفة ، لا خبر (٢).
٣ ـ أن يكون المبتدأ مشتملا على ضمير يعود على جزء (٣) من الخبر ؛ نحو :فى الحديقة صاحبها. فكلمة : «صاحب» مبتدأ ، خبره الجار مع المجرور السابقين ؛ (فى الحديقة). وفى المبتدأ ضمير يعود على الحديقة التى هى جزء من الخبر. ولهذا وجب تقديم الخبر ؛ فلا يصح : صاحبها فى الحديقة ؛ لكيلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ؛ وهو ممنوع هنا. ومثل ذلك : «فى القطار ركّابه» فكلمة : «ركاب» مبتدأ خبره الجار مع المجرور السابقين. وفى المبتدأ ضمير يعود على : «القطار» وهو جزء من الخبر. ويجب تقديم الخبر ؛ فلا يصح :
__________________
(١) سبق الكلام على النكرة المحضة فى رقم ٢ من هامش ١٩٢ وعلى الظرف المختص ، وكذا الجار مع مجروره فى ص ٤٣٣ وفى رقم ٤ من هامش ٤٤١. وكذا الرأى فى المبتدا النكرة فى ص ٤٤٤
(٢) كل هذا كلام القائلين بأن المبتدأ لا يكون نكرة إلا بمسوغ. وسردوا عشرات من المسوغات لا تترك نكرة بغير أن تصلح للابتداء ؛ كما أوضحنا فيما سلف (ص ٤٤٠ وما بعدها) ، وانتهينا منه إلى أنه لا قيمة لهذا التوهم ولا داعى لبقاء تلك القاعدة ، وعندئذ يكون الموضع الأول من مواضع تقديم الخبر هو : (أن يكون المبتدأ نكرة محضة ، ويراد تخصيصه ، بتقديم خبره الظرف أو الجار مع المجرور المختصين ، أو الجملة). أما دعوى التوهم فخيالية لا مجال لها ما دامت الجملة الاسمية قد أدت الفائدة.
(٣) عبارة النحاة : «يعود على الخبر». ولكن الصحيح أنه يعود على جزء من الخبر كما فى المثال ، إذ الضمير عائد على المجرور وحده ، وهو جزء من الخبر ؛ لأن الخبر الجار مع مجروره.