ركّابه فى القطار ؛ لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ؛ وهو ممنوع هنا كما قلنا. وهكذا ...
٣ ـ أن يكون للخبر الصدارة فى جملته ؛ فلا يصح تأخيره. ومما له الصدارة أسماء الاستفهام ؛ نحو : أين العصفور؟ فكلمة : «أين» اسم استفهام ، مبنى على الفتح فى محل رفع ، خبر مقدم ، و «العصفور» مبتدأ مؤخر. ونحو : متى السفر؟ فكلمة : «متى» اسم استفهام مبنى على السكون فى محل رفع خبر مقدم ، و «السفر» مبتدأ مؤخر. ومثل هذا : كيف الحال؟ من القادم؟ ...
وكذلك الخبر الذى ليس اسم استفهام بنفسه ولكنه مضاف إلى اسم استفهام ؛ نحو ؛ ملك من السيارة؟ ؛ وصاحب أىّ اختراع أنت؟
ومما له الصدارة «مذ ومنذ» عند إعرابهما ظرفين خبرين متقدمين فى مثل : ما رأيت زميلى مذ أو منذ يومان. ولو أعربناهما مبتدأين لوجب تقديمهما أيضا (١).
٤ ـ أن يكون الخبر محصورا (٢) فى المبتدأ بإلا أو إنما ؛ نحو : ما فى البيت إلا الأهل ، إنما فى البيت الأهل ؛ فلا يجوز تأخير الخبر وتقديم المبتدأ ، لكيلا يختل الحصر المطلوب ، ويختلف المراد (٣).
__________________
(١) سبقت الإشارة لهذا فى ص ٤٤٤ و ٤٥٣ ـ وسيجىء البيان عنهما فى ج ٢ باب الظرف وحروف الجر.
(٢) وقد أشرنا باختصار إلى الحصر وطريقته فى رقم ٢ من هامش ص ٤٥١.
(٣) وقد أشار ابن مالك إلى المواضع الأربعة السابقة بقوله :
ونحو عندى ادرهم ولى وطر |
|
ملتزم فيه تقدم الخبر |
ويشير بهذا البيت إلى الموضع الأول. (والوطر هو : الغرض والحاجة) ثم قال :
كذا إذا عاد عليه مضمر |
|
ممّا به عنه مبينا يخبر |
يشير إلى الموضع الثانى ، وهو : تقديم الخبر إذا عاد عليه مضمر (أى : ضمير) من المبتدأ الذى يخبر عنه بخبر ، وهذا الخبر يبيّن ويفسر الضمير العائد إليه (وفى البيت كثير من التعقيد ، والضمائر الملتوية فى مراجعها.) و «مما» أى : من المبتدأ الذى .. و «به» بالخبر ـ حالة كون الخبر مبينا ـ وعنه : (عن المبتدأ ..) ثم أشار إلى الموضع الثالث فالرابع بقوله :
كذا إذا يستوجب التّصديرا |
|
كأين من علمته نصيرا؟ |
وخبر المحصور قدّم أبدا |
|
كما لنا إلّا اتّباع أحمدا |
يريد أن يقول : كذلك يجب تقديم الخبر إذا كان من الألفاظ التى تستوجب التصدير ، أى : تستحقه وجوبا ؛ نحو : أين من علمته نصيرا؟ «فأين» : اسم استفهام خبر مقدم ... إلخ. «من» : اسم موصول مبنى على السكون فى محل رفع مبتدأ مؤخر ... وكذلك يجب تقديم خبر المحصور فيه ، أى : خبر المبتدأ الذى وقع فيه الحصر (فالخبر محصور ، والمبتدأ محصور فيه) مثل : ما لنا إلا اتباع أحمد.