المبتدأ. وقد يكون الخبر جارّا مع مجروره ؛ نحو ، النشاط فى السباحة. السكّر من القصب ؛ فالجار مع المجرور فى محل رفع خبر المبتدأ. ومنه قول الشاعر :
للعيد يوم من الأيام منتظر |
|
والناس فى كل يوم منك فى عيد |
ويشترط فى الظرف الواقع خبرا ، وفى الجار مع المجرور كذلك ـ أن يكون تامّا ، أى : يحصل بالإخبار به فائدة بمجرد ذكره. ويكمل به المعنى المطلوب
__________________
ـ الضمير منه إلى شبه الجملة ـ كما قلنا ـ كما أن الكون الخاص يجب ذكره حتما لعدم وجود ما يدل عليه عند حذفه ؛ فإن وجدت قرينة تدل عليه وتعينه صح حذفه ، مثل : الفارس فوق الحصان ، أى راكب. فوق الحصان ، ومن لى بفلان؟ أى : من يتكفل لى بفلان. والبحترى من الشعراء ؛ أى : معدود منهم. ومثل قوله تعالى فى القصاص : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) على تقدير : «مقتول» لأن تقدير الكون العام فى الأمثلة السالفة لا يؤدى المعنى المراد. والمتعلق الخاص المحذوف لوجود قرينة تدل عليه هو عندهم الذى يعرب خبرا ـ كما سبق ـ لا شبه الجملة. وبالرغم من حذفه فإنه لا يخرج الظرف ـ فى رأيهم ـ عن اعتباره لغوا ، ولا يتنافى مع ما هو ثابت له من أنه : «كون خاص» ؛ فالمعول عليه عندهم فى الحكم باللغو راجع إلى خصوص الكون ، وأنه ليس بعام ؛ سواء ذكر الكون الخاص أم حذف ، وفى الاستقرار إلى عموم الكون ، وأنه ليس بخاص ، وينتقلون بعد هذا إلى تقسيمات ، وتفريعات شاقة ، وأدلة جدلية مرهقة فى إثبات تلك الأقسام والفروع ، وفى المفاضلة بين أن يكون المتعلق المحذوف فعلا أو اسما .. وغير هذا مما لا حاجة إليه اليوم ، ولا ضرر من إهماله. بل الخير فى إهماله وفى ترك ما نقلناه عنهم ، وما لم ننقله ، وفى الاقتصار على إعراب الظرف والجار الأصلى مع المجرور خبرا فى محل رفع ، كما شرحنا أول هذا الموضوع وكما هو رأى بعض السابقين. ولا داعى للتشدد فى البحث عن العامل مع عدم الحاجة إليه ؛ ولا فى الخضوع له ، وركوب الشطط لإظهار آثاره ؛ لأن المعنى جلى كامل بدونه. إذ ذلك التشدد وذلك الخضوع هو الجانب المعيب فى نظرية العامل النافعة الجميلة. وإذا أخذنا بهذا الرأى السهل اليسير كان تسمية الظروف والجار مع مجروره : شبه جملة ، إنما هى من قبيل الإبقاء على التسمية القديمة ، ومراعاة أصلها السابق ، أو لأن كلا من الظرف والجار الأصلى مع مجروره ليس مفردا فى الحقيقة بل هو مركب ؛ إذ يحمل معه الضمير المستتر الذى انتقل إليه من المحذوف على الوجه الذى بسطناه. وإتماما للبحث ، وإنصافا للنحاة نذكر أن رأيهم فى وجوب تعلق «شبه الجملة» سديد ، وأن حجتهم فى تحتيم ذلك التعلق قوية ـ وإيضاحها فى ج ٢ ص ٢٠٣ م ٧٨ وص ٣٤٣ وما بعدها م ٨٩ وتتخلص هنا فى أن الخبر هو المبتدأ معنى وكذلك المبتدأ هو الخبر معنى ؛ كما فى مثل : «على الخطيب» فالخطيب فى هذه الجملة هو على ، وعلى هو الخطيب ، فكلاهما من جهة المعنى هو الآخر ، وكذلك الشأن فى كل مبتدأ وخبر على النسق السالف الوارد فى الاستعمال العربى. فلو أردنا بغير تعلق تطبيق هذا الضابط العام الصحيح على الخبر شبه الجملة لم ينطبق ، بل يفسد المعنى معه ولا يصلحه إلا التعلق على الوجه الذى يذكره النحاة ؛ ففى مثل : على أمامك لا يصح أن يكون الظرف (أمام) هو على ولا أن يكون على هو : «الأمام» نفسه إذا المعنى فى كل منهما مخالف للآخر تمام المخالفة ولا يصلحه إلا أن يكون الظرف متعلقا بشىء آخر غير المبتدأ ؛ هو «كائن» ، أو «موجود» أو نحوهما.
وما يقال فى الظرف يقال فى الجار الأصلى مع المجرور إذ لا فائدة منهما الا بمتعلقهما : كالظرف بنوعيه فإنه لا يستقل بنفسه فى إحداث معنى جديد ، لأنه وعاء ـ كالوعاء الحسى ـ لا بد له من مظروف ، (أى : من شىء يقع فيه) وهذا المظروف هو ما يسمى : «المتعلق» وهو الذى لا بد أن يقع فى الظرف ، وإلا فسد المعنى بغيره تماما. وقد أوضحنا هذا بإسهاب وتفصيل فى مكانه المناسب ـ ج ٢ ص ٢٠٣ م ٧٨ باب الظرف وكذلك فى ص ٣٤٣ وما بعدها م ٨٩ واستيفاء الموضوع على الوجه الحميد يقتضى الرجوع إلى ذنبك الموضعين.