«أمام» و «وراء» وما يشبههما ـ ظرف مكان منصوب فى محل رفع ؛ لأنه خبر
__________________
ـ كما سيجىء البيان فى ج ٢ ـ باب حروف الجر) أو بما يشبه الفعل ؛ من اسم فعل ، أو من مشتق يعمل عمل الفعل ، أو من جامد مؤول بالمشتق. وبهذا التعلق الواجب يتم المعنى. (وقد يتعلقان ـ أحيانا ـ بالنسبة أى : بالإسناد طبقا لما هو مبين فى : «ب» من الزيادة ص ٤٣٦). والمحذوف قد يكون فعلا مع فاعله ، وهذا أمر متعين متحتم إذا وقع شبه الجملة فى جملة الصلة لموصول اسمى غير «أل» ، أو لجملة القسم لأن جملة الصلة للموصول الاسمى غير «أل» وكذا جملة القسم لا بد أن تكون كل واحدة منهما فعلية ـ كما سبق فى رقم ١ من هامش صفحتى ٣٤٧ و ٣٤٨ ، وكما سيجىء فى ج ٢ باب الظرف ص ٢٠٠ م ٧٨ وباب حروف الجر ص ٣٢٥ م ٨٩ ـ لكن التعلق يكون بالفعل وحده ، وقد يكون فى غيرهما شيئا آخر مما سبق ، ففى مثل «الكتاب فوق الكتب» و «الولد فى البيت» ـ يكون تقدير الكلام مثلا : الكتاب «استقر» ، أو : «مستقر» فوق المكتب. والولد «استقر» أو : «مستقر» فى البيت ، ونحو ذلك من فعل محذوف ، أو غيره مما تقدم ، فيدل على مجرد الوجود والاستقرار ، من غير معنى زائد على هذا الوجود المطلق. الذى يسمونه : «الكون العام». أى : الوجود العام الخالى من شىء آخر معه ؛ كالنوم ، أو : القراءة ، أو اللعب ... فلا يصح عندهم أن يكون التقدير : الولد نام ـ أو : ناثم ـ فى البيت. ولا : الكتاب تحرك أو متحرك فوق المكتب ، لأن كل واحد من هذه الألفاظ يدل على الوجود مع زيادة شىء آخر ؛ كالوجود ومعه النوم للولد ، والوجود ومعه التحرك للكتاب وهكذا ... أى : أنه وجود مقيد بشىء آخر يزيد عليه ، وليس بالوجود المطلق المجرد. مثل هذا الوجود ، المقيد يسمى : «كونا خاصا» يجب ذكره : إلا أن دلت قرينة عليه عند الحذف. وقد دفعهم إلى هذا التقدير للكون العام المحذوف ، واعتباره كالملفوظ ـ ما يتمسكون به ـ بحق ـ من أن الظرف والجار الأصلى مع المجرور لا بد أن يتعلقا بعامل ـ كما قلنا ـ يتممان معناه ، ويعمل فيهما. فأين العامل الذى يؤثر فيهما ، ويتعلقان به إذا كان المبتدأ جامدا فى نحو : الغزال فى الحديقة ، وكثير من الأمثلة المشابهة؟ لذلك يقولون فى الإعراب : الظرف أو الجار الأصلى مع مجروره متعلق بمحذوف خبر ؛ سواء أكان المحذوف فعلا مع فاعله (أى : جملة فعلية) مثل استقر ، أو أو ثبت ، أو : كان التى بمعنى : و «وجد» : وهى ، كان التامة ـ أم كان مفردا أى : اسما مشتقا ؛ مثل : مستقر ، أو : كائن (المشتقة من «كان» التامة) أو موجود ـ أو شيئا آخر يصلح عاملا ـ فليس الخبر عندهم فى أصله هو الظرف نفسه ، أو الجار الأصلى مع المجرور مباشرة ، وإنما الخبر فى الأصل هو المحذوف الذى ينوونه ، ويتعلق به كل واحد من هذين. ولما كان كل منهما صالحا لأن يتعلق بالفعل المحذوف ، ويدل عليه بغير خفاء ولا لبس ـ كان شبه الجملة بمنزلة النائب عنهما ، والقائم مقامهما. والفعل مع فاعله جملة ؛ فما ناب عنها وقام مقامها فهو شبيه بها ؛ لذلك أسموه : «شبه الجملة». وأوجبوا حذف متعلقه إن كان كونا عاما وقع خبرا ، أو صفة. أو حالا ، وكذلك إن كان صلة موصول اسمى غير «أل» لكن يجب مع الصلة ـ لغير «أل» ـ ان يكون المحذوف فعلا ولا يصح أن يكون اسما مشتقا ـ أو غيره مما يشبه الفعل ـ كما عرفنا عند الكلام عليها ؛ لأن صلة الموصول الاسمى غير ـ «أل» ـ يجب أن تكون جملة فعلية ، ومثلها جملة القسم التى حذف منها عاملها ...) ثم زادوا فقسموا كلا من الظرف والجار الأصلى مع المجرور إلى مستقر : (بفتح القاف) وإلى : «لغو» يريدون بالمستقر : ما كان متعلقه المحذوف كونا عاما يفهم بدون ذكره. وسمى «مستقرا» لأمرين ؛ لاستقرار معنى عامله فيه ، أى : فهمه منه. ولأنه حين يصير خبرا ـ مثلا ـ ينتقل إليه الضمير من المحذوف ويستقر فيه. وبسبب هذين الأمرين يجب حذفه حتما.
ويريدون باللغو : ما كان كونا خاصا. وسمى كذلك لأن وجوده ضئيل الأثر مع وجود عامله ؛ إذ لا يستقر فيه معنى ذلك العامل. ولا يتحمل ضميره. وفى هذه الحالة يكون العامل الملفوظ به فى الجملة هو الخبر حتما ويجب ذكره ، ولا يجوز حذفه إلا لقرينة ـ كما فى الأمثلة ـ التى ستجىء ـ. ولو حذف لوجودها لكان هو الخبر أيضا مع حذفه ؛ فلا يصح فى حالتى ذكره أو حذفه أن يكون الظرف أو الجار مع مجروره خبرا ، ولا فى موضع رفع خبرا. وهذا نوع من التشدد لا داعى له إذ لا مانع أن نعرب الظرف اللغو خبرا فى الحالة التى يحذف فيها عامله المعروف كما أعربنا زميله المستقر.
والكون العام واجب الحذف ؛ إذ لا فائدة من ذكره ؛ لوجود ما يدل عليه غير خفاء ولا لبس ، ولانتقال ـ