من غير خفاء ولا لبس ، كالأمثلة السابقة. فلا يصلح للخبر منهما ما كان ناقصا ؛ مثل : محمود اليوم .. أو حامد بك ؛ لعدم الفائدة. أما حيث تحصل الفائدة فيصح وقوعهما خبرا ؛ ويكون كل منهما هو الخبر مباشرة ؛ أى : أن شبه الجملة نفسه يكون الخبر (١) ـ فى الرأى المختار.
بقيت مسألة تتعلق ببيان نوع الظرف التام الذى يصلح أن يكون خبرا. فأما ظرف المكان فيصلح ـ فى الغالب ـ أن يقع خبرا عن المبتدأ المعنى وعن المبتدأ الجثة (٢) ؛ فمثال الأول ؛ العلم عندك ـ الحق معك. ومثال الثانى : الكتاب أمامك ـ الشجرة خلفك. ولا بد فى ظرف المكان أن يكون خاصّا (٣) لكى يتحقق شرط الإفادة ؛ كالأمثلة السالفة ؛ فلا يصح أن يكون عامّا ؛ مثل : العلم مكانا ، أو الكتب مكانا ؛ لعدم الإفادة.
وأما ظرف الزمان فيصلح أن يقع خبرا عن المبتدأ المعنى فقط ، بشرط أن تتحقق الإفادة ؛ كأن يكون الزمان خاصّا (٤) ، لا عامّا ؛ مثل : السفر صباحا ، والراحة ليلا. بخلاف : السفر زمانا ، الفضل دهرا ، الأدب حينا ، لعدم الإفادة.
__________________
(١) يقول ابن مالك :
وأخبروا بظرف أو بحرف جر |
|
ناوين معنى كائن أو استقر |
أى : أن الظرف والجار مع مجروره قد يقع كل منهما خبرا لا بنفسه ، ولكن بمتعلقه على حسب رأيهم الذى تناولناه بالبحث والتمحيص فى هامش ص ٤٣١ ، فلا بد من تعلقه ـ عندهم ـ بعامل يحذف ـ فى الأغلب ـ ، وهذا العامل قد يكون فعلا ؛ مثل : «استقر» أو : «ثبت» أو «وجد» ـ أو «كان ؛ (بمعنى : وجد ... ولا تكون هنا إلا تامة) وقد يكون المحذوف اسما مشتقا ؛ مثل : مستقر ، أو كائن (بمعنى موجود ، من «كان» التامة). فإذا وقع الخبر شبه جملة فليس هو الخبر فى رأيهم وإنما الخبر ما قبله من جملة فعلية ، فعلها محذوف ، وفاعلها ضمير استقر فى شبه الجملة ، أو من مفرد مشتق. علما بأن العامل فى الخبر إنما هو الفعل وحده من غير فاعله ، وكذلك هو المشتق من غير الضمير المستتر فيه الذى استقر فى شبه الجملة بعد حذف المشتق مع أن المحذوف هو الفعل مع فاعله ، والمشتق مع ضميره.
(٢) هذا تعبير النحاة يريدون بالمعنى : الأمر غير المحسوس ، أى : الذى لا يكون جسما نحسه بإحدى الحواس الخمس ، كالبصر ... ، وإنما يكون شيئا مفهوما بالعقل ، مثل : العلم ، الذكاء ، الأدب ، النبل ، الشرف ... أما الجثة فالجسم الذى نحسه بالبصر ، أو بغيره من الحواس ؛ ومنه. الشجرة المنزل ، القلم .. ويشترط كثير من النحاة فى الظرف أن يفيد فائدة جديدة إذا وقع خبرا عن المبتدأ المعنى. ويريدون بالفائدة الجديدة : ألا تكون أمرا معروفا للمخاطب ، أو مستمرا ، فالجديد مثل : المقابلة ظهرا. وغيره مثل : طلوع الشمس يوم الجمعة ، لعدم استفادة السامع شيئا جديدا كان جاهلا به. وفريق لا يشترط ذلك فى الظرف ولا فى الخبر عامة : بل يكتفى بمجرد الإفادة ولو كانت معلومة قبل سماع الخبر ؛ مثل الشمس منيرة. وقد يكون الرأى الأول هو المقبول ؛ لأن الغرض من الكلام الإفادة الجديدة وإلا كان عبثا.
(٣) وذلك بتحديده ، أو : بتقييده بقيد بعده. مما هو مذكور فى «ج» من ص ٤٣٦