ومن المشتق (الوصف) ما يعرب على حسب الظاهر خبرا للمبتدأ ، مع أن معناه فى الواقع لا ينصبّ على ذلك المبتدأ ، ولا ينسب إليه مباشرة : مثل : البنت الأب مكرمته هى. «فالبنت» مبتدأ أول. و «الأب» : مبتدأ ثان. «مكرمة» خبر المبتدأ الثانى ، مع أن معنى هذا الخبر منصبّ على المبتدأ الأول وحده ، لأن البنت هى المكرمة ؛ أى : المنسوب لها الإكرام ، دون المبتدأ الثانى.
ومثل : الشفيق الأمّ مساعدها ، هو. فكلمة «الشفيق» : مبتدأ أول ، و «الأم» مبتدأ ثان. و «مساعد» : خبر المبتدأ الثانى. مع أن معنى هذا الخبر ـ وهو : مساعد ـ واقع على الأول ، ولا حق به دون المبتدأ الثانى ... ، وهكذا كل وصف وقع خبرا عن مبتدأ غريب عن معنى ذلك الخبر ، وعن مدلوله. وهذا الخبر يقول عنه النحاة : «إنه جار على غير صاحبه. أو : جار على غير من هو له».
ولما كان هذا الخبر مشتقّا كان لا بد أن يرفع ضميرا أو اسما ظاهرا. غير أن الضمير هنا يجوز إبرازه ، كما يجوز استتاره ، بشرط أن يكون المبتدأ المنسوب إليه الخبر والمحكوم عليه حقيقة ، واضحا لا يشتبه بغيره عند الاستتار ؛ أى : بشرط أمن اللبس ، كما فى الأمثلة السابقة.
وهناك أمثلة للوصف الواقع خبرا يصلح فيها أن يكون جاريا على من هو له وعلى غير من هو له ، فيقع اللبس فى المراد : نحو : (الفارس الحصان متعبه) فكلمة : «الفارس» مبتدأ ، و «الحصان» مبتدأ ثان «ومتعب» خبر الثانى وفيه ضمير مستتر ، والجملة منهما خبر الأول. فما المراد من هذا المثال؟ أتريد الحكم على الحصان بأنه يتعب الفارس ؛ فيكون الخبر جاريا على من هو له ، أم نريد الحكم على الفارس بأنه يتعب الحصان ؛ فيكون الخبر جاريا على غير من هو له؟ الأمران محتملان مع اختلافهما فى المعنى. وهذه هى حالة اللبس ، حيث لا قرينة ترجح أحدهما على الآخر. فإن كان المراد هو المعنى الأول الذى يقتضى جريان الخبر على من هو له وجب استتار الضمير مراعاة للأصل السابق ؛ ليكون استتاره دليلا على ذلك المعنى ؛ فنقول : «الفارس الحصان متعبه». وإن كان المراد هو المعنى الثانى الذى يقتضى