١ ـ فمنها التى تدخل على واحد من الجنس فتجعله يفيد الشمول والإحاطة بجميع أفراده إحاطة حقيقية ؛ لا مجازا ولا مبالغة (١) ، بحيث يصح أن يحل محلها لفظة «كل» فلا يتغير المعنى ؛ نحو : النهر عذب ، النبات حى ، الإنسان مفكر ، المعدن نافع ... فلو قلنا : كل نهر عذب ، كل نبات حى ، كل إنسان مفكر ، كل معدن نافع ... بحذف «أل» فى الأمثلة كلها ووضع كلمة : «كلّ» مكانها ـ لبقى المعنى (٢) على حالته الأولى.
وما تدخل عليه «أل» من هذا النوع يكون لفظه معرفة ؛ تجرى عليه أحكام المعرفة (٣) ، ويكون معناه معنى النكرة المسبوقة بكلمة : كل ؛ فيشمل كل فرد من أفراد مدلولها ، مثل كلمة «الملك» فى قول الشاعر :
إذا الملك الجبّار صعّر خدّه (٤) |
|
مشينا إليه بالسيوف نعاتبه |
٢ ـ ومنها التى تدخل على واحد من الجنس ، فتجعله يفيد الإحاطة والشمول ؛ لا بجميع الأفراد ، ولكن بصفة واحدة من الصفات الشائعة بين تلك الأفراد ؛ وذلك على سبيل المجاز والمبالغة ؛ لا على سبيل الحقيقة الواقعة ؛ نحو : أنت الرجل علما ، وصالح هو الإنسان لطفا ، وعلىّ هو الفتى شجاعة. تريد : أنت كل الرجال من ناحية العلم ، أى : بمنزلتهم جميعا من هذه الناحية ، فإنك جمعت من العلم ما تفرق بينهم ؛ ويعدّ موزعا عليهم بجانب علمك الأكمل المجتمع فيك ؛ فأنت تحيط بهذه الصفة (صفة العلم) إحاطة شاملة لم تتهيأ إلا للرجال كلهم مجتمعين. وكذلك صالح من ناحية الأدب ؛ فهو فيه بمنزلة الناس كلهم ؛ نال منه ما نالوه مجتمعين. وكذلك على ؛ بمنزلة الفتيان كلهم فى الشجاعة ؛
__________________
(١) وعلامتها : أن يصح الاستثناء مما دخلت عليه ؛ لأن المستثنى لا بد أن يكون أقل أفرادا من المستثنى منه ؛ نحو (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) ومن العلامات أيضا أن يصح نعته بالجمع ؛ نحو ؛ قوله تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ،) ونحو قولهم : أهلك الناس الدينار الحمر ، والدرهم البيض ، فكأنه قال : الدنانير والدراهم.
(٢) وهذه تسمى : «أل الاستغراقية» ؛ لأنها تدل على أن المعنى يستغرق جميع أفراد الجنس أى : يحيط بأفراده إحاطة شاملة حقيقية. ومثلها «أل» فى النوع الثانى ، الدالة على أن الجنس يستغرق صفة من الصفات على سبيل المجاز والمبالغة ـ كما سيجىء فى هامش الصفحة التالية ـ.
(٣) فيكون مبتدأ ، ويكون نعتا للمعرفة ، ويكون صاحب حال. وغير ذلك مما يغلب عليه أن يكون معرفة لا نكرة ...
(٤) صعّر خده : أماله وحوله عن ناحية الناس ؛ كى لا يراهم ؛ ترفعا منه ، وكبرا.