فأنواع العهد ثلاثة : «ذكرىّ» ، و «ذهنىّ أو علمىّ» ، و «حضورى». وللثلاثة رمز مشترك يدخل على كل نوع منها هو : «أل». وتسمى : «أل» التى للعهد ، أو : «أل» العهدية (١). فإذا دخلت على النكرة جعلتها تدل على فرد معين دلالة تقترب من دلالة العلم الشخصى بذاته لا برمز آخر (٢). ولهذا كانت «أل» العهدية تفيد النكرة درجة من التعريف تقربها من درجة العلم الشخصى ، وإن لم تبلغ مرتبته وقوته ؛ وإنما تجعلها فى المرتبة التى تليه مباشرة.
* * *
وأما : «أل الجنسية» فهى الداخلة على نكرة تفيد معنى الجنس المحض من غير أن تفيد العهد (٣). ومثالها ؛ النجم مضىء بذاته ، والكوكب يستمد الضوء من غيره ... فالنجم ، والكوكب ، والضوء ، معارف بسبب دخول «أل» على كل منها ، وكانت قبل دخولها نكرات (وشأن النكرات كشأن اسم الجنس (٤) ، لا تدل على واحد معين) وليس فى الكلام ما يدل على العهد.
ولدخول «أل» هذه على الأجناس سميت : «أل» «الجنسية». وهى أنواع من ناحية دلالتها المعنوية ، ومن ناحية إفادة التعريف.
__________________
(١) أى : التى لتعريف صاحب العهد ؛ وهو : الشىء المعهود ؛ سواء أكان واحدا أم أكثر ؛ ففى التركيب كلمتان محذوفتان. بقى شىء يتعلق بإفادتها التعريف وهو فى رقم ٣ من هامش ص ٣٩٣
(٢) لأن علم الشخص معرفة بصيغته ؛ لا برمز آخر ، ولا بشىء خارج عن مادته. بخلاف النكرة التى جاءها التعريف من «أل» فإن «أل» أجنبية منها ، وخارجة عن صيغتها.
(٣) يقول النحاة : إذا دخلت «أل» على اسم مفرد أو غير مفرد ، وكان هناك معهود مما شرحناه فهى للعهد. وإن لم يكن هناك معهود فهى للجنس. (انظر رقم ٣ من هامش ص ٣٨٨).
(٤) إيضاح ذلك : أن كلمة : «نجم» ـ مثلا ـ تدل على معنى شائع مبهم ؛ يصدق وينطبق على كل جرم سماوى مضىء ؛ من غير حصر النجم فى واحد معين ، فهو يصدق على هذا ، وذاك ، وعلى آلاف غيرهما. وهذا معنى النكرة واسم الجنس (كما سبق إيضاحه بإسهاب فى ص ٢٢ وهامش ص ١٨٦ و ٢٥٩) فهى تدل على واحد غير معين ولا محدد ، أى : على واحد شائع بين أمثاله ، لا يمكن تخصيصه بالتعيين ، من بين أفراد جنسه. (أى : أفراد صنفه ونظائره) فإذا أدخلنا «أل» على كلمة : «نجم» وهو فرد من أفراد جنسه كانت لتعريف الجنس كله ، لا لتعريف ذلك الفرد الواحد ؛ لأن تعريف الفرد الواحد يقتضى أن ترى النجوم كلها واحدا واحدا ، وترى إضاءة كل واحد بذاته ، ثم تقول بعدها : النجم مضىء بذاته. ولما كانت تلك الرؤية الشاملة المحيطة بكل النجوم أمرا مستحيلا لا يقدر عليه مخلوق ـ كان دخول «أل» على كلمة : «نجم» وقولنا : «النجم» معناه أن كل واحد من هذا الجنس الذى عرفناه بعقولنا دون أن تحيط بأفراده الحواس ـ مضيئا بذاته ؛ فكأنها تعرف الجنس ممثلا فى فرد واحد من أفراده ، يغنى تعريفه عن تعريفها ، وينوب عنها فى ذلك. أو كأنها تعرف فردا يدل على الجنس كله ، ويرمز إليه. وهكذا يقال فى باقى الأمثلة ـ راجع رقم ٣ من هامش ص ٣٨٨.