أدرك وحده من هذه الصفة ما توزع بينهم ، ولم يبلغوا مبلغه إلا مجتمعين. وكل هذا على سبيل المبالغة والادعاء (١).
وحكم ما تدخل عليه «أل» من هذا النوع كحكم سابقه لفظا ومعنى.
٣ ـ ومنها التى لا تفيد نوعا من نوعى الإحاطة والشمول السابقين ؛ وإنما تفيد أن الجنس يراد منه حقيقته القائمة فى الذهن ، ومادته التى تكوّن منها فى العقل بغير نظر إلى ما ينطبق عليه من أفراد قليلة أو كثيرة ، ومن غير اعتبار لعددها. وقد يكون بين تلك الأفراد ما لا يصدق عليه الحكم. ، نحو : الحديد أصلب من الذهب ، الذهب أنفس من النحاس. تريد : أن حقيقة الحديد (أى : مادته وطبيعته) أصلب من حقيقة الذهب (أى : من مادته وعنصره) من غير نظر لشىء معين من هذا أو ذاك ؛ كمفتاح من حديد ، أو خاتم من ذهب ؛ فقد توجد أداة من نوع الذهب هى أصلب من أداة مصنوعة من أحد أنواع الحديد ؛ فلا يمنع هذا من صدق الحكم السالف الذى ينص على أن الحديد فى حقيقته أصلب من الذهب فى حقيقته من غير نظر إلى أفراد كل منهما ـ كما سبق ـ إذ أنك لا تريد أن كل قطعة من الأول أصلب من نظيرتها فى الثانى ؛ لأن الواقع يخالفه ومثل هذا أن تقول : الرجل أقوى من المرأة ، أى : أن حقيقة الرجل وجنسه من حيث عنصره المتميز ـ لا من حيث أفراده ـ أقوى من حقيقة المرأة وجنسها من حيث هى كذلك ، من غير أن تريد أن كل واحد من الرجال أقوى من كل واحدة من النساء ، لأنك لو أردت هذا لخالفك الواقع. وهكذا يقال فى : الذهب أنفس من النحاس ، وفى : الصوف أغلى من القطن ، وفى : الفحم أشد نارا من الخشب ... وفى الماء ، والتراب ، والهواء ، والجماد ، والنبات. تقول : الماء سائل : أى : أن عنصره وطبيعته من حيث هى مادة تجعله فى عداد السوائل ، من غير نظر فى ذلك إلى أنواعه ، أو أفراده ، أو شىء آخر منه ؛ فتلك حقيقته ؛ أى : مادته الأصلية التى قام عليها. وتقول : التراب غذاء النبات ، أى : أن عنصره وطبيعته كذلك ؛ فهى حقيقته الذاتية ، وماهيته التى عرف بها من حيث
__________________
(١) ولذا يصح إحلال كلمة : «كل» محل «أل» على سبيل المجاز ـ كما سبق فى رقم ٢ من هامش ص ٣٨٦ «والحصر» هو الذى يفيد أنهم جميعا لم يبلغوا درجته فى الصفة.