الموصولة وهى اسم ـ فى الرأى الأرجح ـ وقد سبق الكلام عليها فى الموصولات (١). ومنها المعرّفة ، ومنها الزائدة. وفيما يلى بيان هذين القسمين.
(ا) «أل» المعرّفة ؛ (أى : التى تفيد التعريف).
وهى نوعان ؛ نوع يسمى : «أل» العهدية (أى : التى للعهد) ونوع يسمى : «أل» الجنسية ، وكلاهما حرف (٢).
فأما «العهدية (٣)» فهى التى تدخل على النكرة فتفيدها درجة من التعريف تجعل مدلولها فردا معينا بعد أن كان مبهما شائعا. وسبب هذا التعريف والتعيين يرجع لواحد مما يأتى :
١ ـ أن النكرة تذكر فى الكلام مرتين بلفظ واحد (٤) ، تكون فى الأولى مجردة من «أل» العهدية ، وفى الثانية مقرونة «بأل» العهدية التى تربط بين النكرتين ، وتحدد المراد من الثانية : بأن تحصره فى فرد واحد هو الذى تدل عليه النكرة الأولى (٥). كالأمثلة الأولى ، ونحو : نزل مطر ؛ فأنعش المطر زروعنا. أقبلت سيارة ، فركبت
__________________
(١) فى ص ٣٢٠.
(٢) ويجب إدغامه فى التاء إذا وقعت بعده ، طبقا للبيان الذى سبق فى رقم ٣ من هامش ص ٣٥٠.
(٣) من هذا النوع «أل» الداخلة على «أفعل التفضيل» فإنها لا تكون إلا للعهد ـ كما سيجىء البيان فى بابه ـ ج ٣ م ١١٢ ص ٣٣٦ عند الكلام على القسم الذى به «أل». وكما سبقت الإشارة فى رقم ٢ من ص ٣٢٠ ـ
(٤) قد يكون اللفظ السابق مذكورا صراحة كالأمثلة المعروضة ، وقد يكون كناية ؛ نحو قوله تعالى فى سورة مريم : (وَلَيْسَ ، الذَّكَرُ كَالْأُنْثى.) فالذكر تقدم قبل ذلك مكنيا عنه بقول مريم (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ...) أى : منقطعا لخدمة بيت المقدس ـ على حسب ما كان شائعا فى زمنها. وهذا النذر خاص بالذكور عندهم إذ ذاك.
(٥) فإن النكرة الثانية بمنزلة الضمير ، والأولى مرجع الضمير ، و «أل» هى الرابطة بينهما ، الدالة على اتصال الثانية بالأولى اتصالا معنويا. ويدل على أن الثانية بمنزلة الضمير والأولى بمنزلة مرجعه أنك فى مثل : نزل مطر فأنعش المطر زروعنا ـ قد تستغنى عن : «أل» وعن كلمة : «مطر» الثانية ؛ اكتفاء بالضمير المستتر فى الفعل ، والذى قد يغنى عنهما ؛ حيث تقول : نزل مطر فأنعش زروعنا.
لهذا يقول النحاة : إن فائدة «أل العهدية» التنبيه على أن مدلول ما دخلت عليه هو مدلول النكرة السابقة ، المماثلة لها فى لفظها ، الخالية من «أل». فلو قلنا : نزل مطر فأنعش مطر زروعنا ؛ بتنكير كلمة : «مطر» فى الحالتين لوقع فى الوهم أن المراد من كلمة : «مطر» الثانية ، مطر آخر غير الأول ، مع أن المراد منهما واحد. ولذلك لا ينعت الاسم المعرف بأل العهدية ؛ لأنه يشبه الضمير ، وواقع مع «أل» موقعه كما سبق. وما قيل فى كلمتى «مطر» يقال فى كلمتى : «سيارة» ، وكلمتى : «رسول». ونظائرها ... ولما كانت الثانية بمنزلة الضمير ، والأولى بمنزلة مرجعه ساغ اعتبار الثانية معرفة ، مع أن الأولى نكرة : كالشأن فى مثل : جاء ضيف فأكرمه الوالد. فكلمة : «ضيف» نكرة ، لا تدل على واحد معين ، أما الضمير : «الهاء» فمعرفة تدل على معين ، مرجعه النكرة ، برغم أن معنى الضمير هو معنى مرجعه تماما ، ولم يمنع ذلك أن يكون الضمير معرفة ، ومرجعه نكرة. وذلك أن الضمير قد أوصلنا إلى شىء واحد مع أن هذا الشىء الواحد ينطبق على أفراد كثيرة. ومثل هذا يقال فيما دخلت عليه «أل» العهدية التى نحن بصددها ؛ فإن الاسم الأول نكرة ؛ فهى لا تدل على معين ، أما الاسم الثانى الذى دخلت عليه فمعرفة ؛ لأن معناها مراد به الاسم الأول ، ومحصور فيه ، برغم أنه نكرة تدل على أفراد متعددة.