من تلك الموصولات المتعددة ؛ نحو : عدت «الذى» و «التى» مرضت. وسارعت بتكريم «اللائى» و «الذين» أخلصوا للعلم. فالصلة فى كل مثال صالحة لأحد الموصولين فقط ؛ بسبب عدم المطابقة فى الرابط ؛ فكانت صلة لواحد ، ودليلا على صلة الآخر المحذوفة جوازا. فأصل الكلام عدت الذى مرض ، والتى مرضت. وسارعت بتكريم اللائى أخلصن ، والذين أخلصوا. وهذا نوع من حذف الصلة جوازا ، لقرينة لفظية تدل عليها(١) ...
وقد تحذف الصلة لوجود قرينة لفظية أيضا ولكن من غير أن يتعدد الموصول ؛ مثل : من رأيته فى المكتبة؟ فتجيب : محمد الذى ... أو : سعاد التى ...
وقد تحذف الصلة من غير أن يكون فى الكلام قرينة لفظية تدل عليها وإنما تكون هناك قرينة معنوية يوضحها المقام ؛ كالفخر ، والتعظيم ، والتحقير ، والتهويل ... فمن أمثلة الفخر أن يسأل القائد المهزوم البادى عليه وعلى كلامه أثر الهزيمة ، قائدا هزمه : من أنت؟ فيجيبه المنتصر : أنا الذى ... أى : أنا الذى هزمتك. فقد فهمت الصلة من قرينة خارجية ، لا علاقة لها بألفاظ الجملة. ومثل : أن يسأل الطالب المتخلف زميله الفائز السابق بازدراء : من أنت؟ فيجيب الفائز : أنا الذى ... أى : أنا الذى فزت ، وسبقتك ، وسبقت غيرك ... ومنه قول الشاعر يفاخر :
نحن الألى ... فاجمع جمو |
|
عك ثمّ وجّههم إلينا |
أى : نحن الذين اشتهروا بالشجاعة ، والبطولة ، وعدم المبالاة بالأعداء.
ومن التحقير أن يتحدث الناس عن لص فتاك ، أوقعت به حيلة فتاة صغيرة وغلام ، حتى اشتهر أمرهما. ثم يراهما اللص ؛ فيقول له أحد الناس : انظر إلى التى والذى ... أى : التى أوقعت بك. والذى أوقع بك ...
وقد وردت أساليب قليلة مسموعة عند العرب ، التزموا فيها حذف الصلة ؛
__________________
(١) وما ذكرناه فى النوعين السالفين يوضح قول النحاة : (قد ترد صلة بعد موصولين أو أكثر ، مشتركا فيها ، أو مدلولا بها على ما حذف. فالاشتراك فيما إذا ناسبت الصلة جميع ما قبلها من الموصولات. والدلالة فيما إذا لم تناسب إلا واحدا منها). ثم قالوا : إن القسم الأول يدخل فى قسم الصلة الملفوظة وإن الثانى يدخل فى قسم الصلة المحذوفة أو التى فى النية.