الزّراع ، المقروء قليل ، ولكن المفهوم كثير ... ومثل المرتجى والخائب فى قول الشاعر :
الصدق يألفه الكريم المرتجى |
|
والكذب يألفه الدنىء الخائب |
ولما كانت الصفة المشبهة الصريحة مع مرفوعها (١) هى التى تقع صلة «أل» وتتصل بها اتصالا مباشرا ولا ينفصلان حتى كأنهما كلمة واحدة ـ كان المستحسن إجراء الإعراب بحركاته المختلفة على آخر هذه الصفة الصريحة دون ملاحظة «أل» ؛ فهو يتخطاها ؛ برغم أنها اسم موصول (٢) مستقل ، وأن صلته هى شبه الجملة المكون من الصفة الصريحة مع مرفوعها. فالصفة وحدها هى التى تجرى عليها أحكام الإعراب ، ولكنها مع مرفوعها صلة لا محل لها. والأخذ بهذا الإعراب (٣) أيسر وأبعد من التعقيد الضارب فى الآراء الأخرى.
فإن غلبت الاسمية على الصفة صارت اسما جامد ، ولم تكن «أل» الداخلة عليها اسم موصول ، مثل الأعلام : المنصور ، والهادى ، والمأمول ، والمتوكل ... من أسماء
__________________
أى : من القوم الذين رسول الله منهم. أو على الظرف ويجعله صلة ، نحو قول الشاعر :
من لا يزال شاكرا على المعه |
|
فهو حر بعيشة ذات سعه |
أى : الذى معه. والظرف «مع» متعلق هنا بصفة صريحة ، محذوفة تقديرها : «الكائن» معه ؛ لأن صلة «أل» لا بد أن تكون كذلك ، ولا يصح تعلقه فى هذا المثال وأشباهه بفعل محذوف للسبب السالف ؛ فهو مستثنى من وجوب تعلق شبه الجملة بفعل محذوف يكون مع فاعله صلة ـ كما أشرنا فى ص ٣٤٩ ـ.
«وأل» فى الأمثلة السابقة كلها اسم موصول بمعنى الذى ـ أو أحد فروعه ـ مبنى على السكون فى محل رفع ، أو نصب ، أو جر ، على حسب موقعه من الجملة (فهى مثل «الذى» تماما أو «التى» وفروعهما ، فى أمثله أخرى) وما بعدها من جملة فعلية أو اسمية هو صلة الموصول لا محل له. فإن جاء بعدها ظرف فهو متعلق بصفة صريحة محذوفة ، هى مع فاعلها صلة الموصول لا محل له ، ولا يصح تعلقه بفعل ـ لما قلنا ـ وقد ذكرنا هذه الأمثلة وإعرابها ، والأحكام الخاصة بها ـ لا لنستعملها ولكن لنفهم نظائرها التى قد تمر بنا فى النصوص القديمة ، من غير أن يكون ذلك داعيا للرضا عن استعمالها اليوم ؛ لقلة (المأثور) منها ، ونفور الذوق البلاغى الحديث من استعمالها ، وانصراف الكثرة عنها قديما وحديثا فالخير فى تركها مهجورة.
(١) لا بد أن يرفع اسم الفاعل فاعلا ، وأن يرفع اسم المفعول نائب فاعل ، وقد يحتاج كل منهما بعد ذلك إلى مفعول به أو أكثر. وربما لا يحتاج فشأنهما فى الحاجة إلى المفعول كشأن فعلهما. وبيان هذا وتفصيله مدون فى بابهما ج ٣
(٢) وهل تفيد التعريف أو لا تفيده؟ رأيان سبق تفصيل الكلام عليها فى رقم ٢ من هامش ص ٣٢٠ ورقم ١ من هامش ص ٣٣٤
(٣) وقد سبق هذا فى رقم ٢ من هامش ص ٣٢١ وفى ٣ من ص ٣٣٤ ... وهو رأى لبعض النحاة القدامى.