آخر ، وهذا الفعل محذوف وجوبا ـ لأنه كون عامّ (١) ـ تقديره : استقرّ ، أو حلّ ، أو نزل ... وفاعله ضمير مستتر يعود على اسم الموصول ، ويربط بينه وبين الصلة. فالأصل فى المثالين السابقين : تكلم الذى استقر عندك ، وسكت الذى استقر فى الحجرة. وهكذا ...
«ملاحظة» ؛ إذا وقع الظرف نفسه صلة «أل» ـ بأن دخلت عليه مباشرة ، كصنيع بعض القبائل العربية فى مثل قولهم : سررت من الكتاب المعك ؛ يريدون : الذى معك ـ فإنّ تعلق الظرف فى هذه الحالة لا يكون إلّا بصفة صريحة ، تقديرها : «الكائن» ، أو : نحو هذا التقدير. لأن صلة : «أل» لا بد أن تكون صفة صريحة ، ولا يصح التعلق بفعل ـ كما سنعرف (٢) ـ ...
أما الصفة (٣) الصريحة فالمراد بها : الاسم المشتق الذى يشبه الفعل فى التجدد
__________________
ـ مع المجرور صلة ، وخبرا ، وحالا ، وصفة ، من غير أن نذكر فى الكلام أن كلا منهما متعلق بمحذوف ، ومن غير إنكار لأمر هذا المحذوف ، وإنما نهمله اعتمادا على شهرته ومعرفته ، وأنه لا حاجة لترديده مع الاقتناع بوجوده. وهذا حسن مقبول ، ويتفق مع رأى بعض الأئمة ممن يقولون إن اختصاص الفعل فى الصلة قد انتقل لشبه الجملة كما انتقل إليه أيضا ضمير الفعل. (وقد أشرنا لهذا فى هامش ص ٣٤٧ وسيجىء تفصيله فى هامش ص ٤٣١ حيث قلنا فى تلك الصفحة لا غنى عن الرجوع إلى الإيضاح التام الذى فى ج ٢ ص ٢٠٣ م ٧٨ وص ٣٤٣ وما بعدها م ٨٩).
(١) سبق ـ فى رقم ١ من هامش ص ٣٤٧ ـ أنه لا بد أن يكون العامل المحذوف «فعلا» إذا تعلق به شبه الجملة الواقع صلة لموصول غير «أل» كما يجب تقديره فعلا فى جملة القسم ، لأن جملة الصلة لموصول غير «أل» وجملة القسم لا يكونان إلا فعليتين ـ كما سيجىء فى وج ٢ باب الظرف ص ٢٠٢ م ٧٨
(٢) هنا وفى ص ٣٥٠.
(٣) لا يراد بالصفة هنا النعت ، وإنما يراد بها الاسم المشتق من المصدر للدلالة على شيئين معا ؛ هما : ذات ، وشىء فعلته تلك الذات ، أو وقع عليها من غيرها ، أو اتصل بها بنوع من الاتصال نحو : قائم ، مكرم ، ملعب. فكلمة : «قائم» تدل على شيئين : (ذات) (فعلت القيام) ، وكلمة : «مكرم» تدل على شيئين أيضا : (ذات) (حصل لها الإكرام) ... و «ملعب» تدل على شيئين : (ذات ، أى : مكان) (حصل فيه اللعب) وهكذا ... والأحسن أن يقال : «معنى وصاحبه» لأن صاحبه فى أحيان قليلة يكون غير ذات ولا مشخص.
وعلى ضوء ما تقدم نفهم معنى قولهم : إن المشتق هو ما دل على ذات وصفة ، أى : ذات ؛ وشىء آخر اتصفت به تلك الذات ؛ بأن فعلته هى مباشرة ، أو لم تفعله هى وإنما وقع عليها ، أو التصق بها بطريقة ما ، كما أشرنا.
والمشتقات الأصيلة ثمانية ، (يجىء شرحها فى الجزء الثالث ص ٧٣ م ٩٧ وما بعدها) ؛ اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، وأفعل التفضيل ، واسم الزمان ، واسم المكان ، واسم الآلة ، والمصدر الميمى. (ومنها ؛ الأفعال أيضا.) ولكل مشتق باب يحوى أحكامه المختلفة. والذى يعنينا الآن أن كل واحد من هذه المشتقات يشبه ـ فى الغالب ـ الفعل المضارع الذى يشترك معه فى الاشتقاق من مصدره ؛ «فقائم» يشبه «يقوم» وكلاهما مشتق من «القيام». و «مكرم» يشبه «يكرم» ؛ وكلاهما مشتق من «الإكرام» و «ملعب» يشبه «يلعب» وكلاهما مشتق من «اللعب» وهكذا. والمشتق –