عندك ، وسكت الذى فى الحجرة. فكل من الظرف : (عند) والجار مع المجرور : (فى الحجرة) ، تام. وكلاهما يتعلق حتما (١) بفعل لا بشىء
__________________
وكذلك نحو : (سكت الذى فى الحجرة) أى : الموجود فى الحجرة وجودا مطلقا ، غير مقيد بزيادة شىء آخر ؛ كالنوم ، أو الضحك ، أو المشى ... وكذلك غيرهما من الأمثلة.
ولما كان هذا الكون العام واضحا ومفهوما بداهة وجب حذفه إن وقع صلة : لعدم الحاجة إليه فى كشف المراد ؛ فهو محذوف كالمذكور. وكذلك يحذف وجوبا إن وقع خبرا ، أو صفة. أو حالا ، كما سنعرف.
الثانية : أن يكون متعلقهما أمرا خاصا محذوفا لوجود ما يدل عليه. ويظهر المتعلق الخاص فى المثالين السابقين بأن نقول : «تكلم الذى وقف عندك» و «سكت الذى نام فى الحجرة». فكلمة : «وقف» أو «نام» تؤدى معنى خاصا ؛ هو : الوقوف ، أو : النوم ، ولا يمكن فهمه إلا بذكر كلمته فى الجملة ، والتصريح بها ؛ فليس هو مجرد حضور الشخص ووجوده المطلقين ؛ وإنما هو الوجود والحضو المقيدان بالوقوف أو بالنوم ... ولهذا لا يصح حذف المتعلق الخاص إلا بدليل يدل عليه ؛ مثل : قعر صالح فى البيت ، ومحمود فى الحديقة ؛ فتقول : بل صالح الذى فى الحديقة. تريد : بل صالح الذى قعد فى الحديقة. فإن حذف المتعلق الخاص بغير دليل كان الظرف والجار مع المجرور غير تأمين ؛ فلا يصلحان للصلة ؛ مثل : هدأ الذى أمامك ، أو : منك. تريد : هدأ الذى غضب أمامك ، أو غضب منك ... ومثل غاب الذى اليوم ... أو الذى بك ... تريد : غاب الذى حضر اليوم ، والذى استعان بك ... هذا وظرف المكان هو الذى يكون متعلقه فى الصلة كونا عاما واجب الحذف ، أو كونا خاصا واجب الذكر إلا عند وجود قرينة فيجوز معها حذفه أو ذكره. أما ظرف الزمان فلا يكون متعلقه إلا خاصا ؛ فلا يجوز حذفه إلا بقرينة ، وبشرط أن يكون الزمن قريبا من وقت الكلام ؛ نحو : نزلنا المنزل الذى البارحة ، أو أمس ، أو آنفا ، (أى : فى أقرب ساعة ووقت منا) تريد : الذى نزلناه البارحة ، أو أمس أو آنفا. فإن كان زمن الظرف بعيدا من زمن الإخبار بمقدار أسبوع مثلا ، لم يحذف العامل. فلا تقول : نزلنا المنزل الذى يوم الخميس أو يوم الجمعة. إذا كان قد مضى نحو أسبوع ... ولم يحدد النحاة الزمن القريب أو البعيد ؛ ولكن قد يفهم من أمثلتهم أن القريب : ما لم يتجاوز يومين ، وأن البعيد ما زاد عليهما. وربما كان عدم التحديد مقصودا منه ترك الأمر للمتكلم والسامع.
وشبه الجملة بنوعيه يسمى : «مستقرا» ـ بفتح القاف ـ حين يكون متعلقه كونا عاما ، ويسمى : «لغوا» حين يكون متعلقة كونا خاصا مذكورا ، أو محذوفا لقرينة ـ وشرح هذا فى ص ٤٣٢ ـ (١) لأن الصلة ـ لغير أل ـ كما قلنا لا بد أن تكون جملة (للسبب الذى فى رقم ١ من هامش الصفحة السابقة) ، ووقوع الظرف أو الجار مع المجرور ليس قائما على أساس أنه بنفسه الصلة ، وإنما على أساس تعلقه بفعل يكون هو وفاعله الصلة فى الحقيقة. ولا يصح فى هذه الصلة التى لغير : «أل» أن يكون الظرف أو الجار مع المجرور متعلقا باسم مشتق أو شبهه يكون خبرا لمبتدأ محذوف ؛ ويكون التقدير مثلا : تكلم الذى هو كائن عندك ، أو فى الحجرة ؛ لا يصح ذلك لأن شرط الحذف من الصلة ـ كما هو مدون فى ص ٣٥٥ و ٣٥٧ ـ ألا يصلح الباقى بعد الحذف لأن يكون صلة. والباقى هنا ـ وهو الظرف أو الجار مع المجرور ـ صالح لذلك. أما فى غير الصلة فالظرف والجار مع مجروره إذا تعلقا بمحذوف ، جاز أن يكون فعلا وأن يكون مشتقا مع مرفوعه ؛ كما إذا وقعا خبرا ، أو صفة ، أو حالا ... وفريق من النحاة يرى أن الظرف وحده ، أو الجار مع المجرور ، هو الصلة دون الحاجة إلى متعلقهما. لكن إذا عرفنا أن وظيفتهما المعنوية فى الجملة لا تتحقق إلا مع قيام عامل فيهما يكملان معناه ـ أمكننا أن نستريح إلى ما يقوله أصحاب الرأى الأول من وجود عامل محتوم لهما» وأن هذا العامل المحتوم هو فى الصلة فعل يتعلقان به ، فيحذف حينا ، أو يذكر حينا على حسب أحكامه الخاصة به. ـ وقد أوضحنا هذا فى باب حروف الجر فى الجزء الثانى. ـ غير أننا فى عصرنا نعرب الظرف أو الجار ـ