الحالتين اللتين وقع فيهما المبتدأ ضمير المخاطب ، وخبره اسم موصول. كما يقال أيضا فى حالة ثالثة ؛ هى : أن يكون المبتدأ ضمير متكلم أو مخاطب ، وله خبر موصوف باسم موصول ؛ فيجوز فى الرابط أن يكون للتكلّم أو للخطاب ؛ مراعاة للمبتدأ ، ويجوز فيه أن يكون للغيبة ؛ مراعاة لاسم الموصول. تقول : أنا الرجل الذى عاونت الضعيف ، أو أنا الرجل الذى عاون الضعيف ـ وأنت الرجل الذى سبقت فى ميدان الفنون ، أو : أنت الرجل الذى سبق فى ميدان الفنون (١).
وإنما يجوز الأمران فى الحالات السابقة ونظائرها بشرطين :
أولهما : ألا يكون المبتدأ الضمير مشبها بالخبر فى تلك الأمثلة ؛ فإن كان مشبّها بالخبر لم يجز فى الربط إلا الغيبة ؛ نحو : أنا فى الشجاعة الذى هزم الرومان فى الشام. وأنت فى القدرة الذى بنى الهرم الأكبر ؛ تريد ؛ أنا فى الشجاعة كالذى هزم الرومان فى الشام ، وأنت فى القدرة كالذى بنى الهرم الأكبر. فالمبتدأ فى المثالين مقصود به التشبيه ، لوجود قرينة تدل على ذلك ؛ هى : أن المتكلم والمخاطب يعيشان فى عصرنا ، ولم يدركا العصور القديمة.
وثانيهما : ألا يكون اسم الموصول تابعا للمنادى : «أىّ» ، أو : أيّة ، فى مثل : يأيّها الذى نصرت الضعيف ستسعد ، ويأيتها التى نصرت الحق ستفوزين فلا يصح أن تشتمل الصلة على ضمير خطاب فى رأى بعض النحاة ، دون بعض آخر. وملخص المسألة ـ كما سيجىء فى ج ٤ ص ٣٦ م ٣٠ باب أحكام تابع المنادى ـ هو أنه لا بد من وصف ؛ «أى وأيّة» ، عند ندائهما بواحد من أشياء معينة محددة ، منها : اسم الموصول المبدوء «بأل» وقد اشترط الهمع (ج ١ ص ١٧٥) أن يكون الموصول مبدوءا بأل ، وأن تكون صلته خالية من الخطاب ، فلا يقال يأيها الذى قمت. فى حين نقل الصبان (ج ٣ أول باب تابع المنادى) ـ صحة ذلك قائلا ما نصه : (ويجوز يأيها الذى قام ، ويأيها الذى قمت) ، والظاهر أن الذى منعه الهمع ليس بالممنوع ، ولكنه غير الأفصح الشائع فى الكلام المأثور ؛ بدليل ما قرره النحاة ونقله الصبّان فى الموضع المشار إليه ونصّه : (الضمير فى تابع
__________________
(١) راجع ما سبق فى هذا عند الكلام على تعدد مرجع الضمير رقم ٩ من ص ٢٤١)