المنادى يجوز أن يكون بلفظ الغيبة ؛ نظرا إلى كون لفظ المنادى اسما ظاهرا ، والاسم الظاهر من قبيل الغيبة ، وبلفظ الخطاب نظرا إلى كون المنادى مخاطبا ، فعلمت أنه يجوز أيضا : يا زيد نفسه أو نفسك. قاله الدمامينى. ثم قال : ويجوز يأيها الذى قام ، ويأيها الذى قمت) اه كلام الصبان نصا.
وكل ما سبق تقريره فى العائد من حيث التكلم أو الخطاب أو الغيبة يثبت لكل ضمير قد يجىء بعده ويكون بمعناه ؛ نحو : أنا الذى عاهدتك على الوفاء ما عشت. أو أنا الذى عاهدك على الوفاء ما عاش (١) ، وقد يختلفان كما فى قول الشاعر :
نحن الذين بايعوا محمدا |
|
على الجهاد ما بقينا أبدا |
هذا ، وبالرغم من جواز المطابقة وعدمها فى الصور السابقة ـ فإن مطابقة الرابط لضمير المتكلم أفصح ، وأوضح ؛ فهى أولى من مراعاة الموصول الغائب ، وكذلك مطابقته للمخاطب أولى من اسم الموصول الغائب ؛ وزيادة الإيضاح غرض لغوىّ هامّ لا يعدل عنه إلا لداع آخر أهم.
وسيجىء فى باب أحكام تابع المنادى (فى الجزء الرابع) أن الضمير المصاحب لتابع المنادى يصح فيه أن يكون للغائب أو للمخاطب ، وأن هذا الحكم عام يسرى على توابع المنادى المنصوب اللفظ وغير المنصوب ، إلا صورة واحدة مستثناة وقع فيها الخلاف. وتطبيقا لذلك الحكم العام نقول : يا عربا كلكم ، أو : كلهم ... ويا هارون نفسك ، أو : نفسه ، خذ بيد أخيك ـ يا هذا الذى قمت أو قام أسرع إلى الصارخ.
أما الصورة المستثناة التى وقع فيها الخلاف فهى التى يكون فيها المنادى لفظ. (أىّ ، أو : أية) والتابع اسم موصول ، فلا يجوز عند فريق من النحاة أن تشتمل صلته على ما يدل على خطاب ؛ فلا يصح : يأيها الذى حضرت ، ويصح عند غيره ـ كما سلف ـ
ح ـ يجيز الكوفيون جزم المضارع الواقع فى جملة بعد جملة الصلة ، بشرط أن تكون الجملة الفعلية المشتملة على هذا المضارع مترتبة على جملة الصلة كترتب
__________________
(١) وكما يراعى هذا فى رابط جملة الصلة يراعى بصورة أقوى فى رابط جملة الخبر ، والنعت والحال ـ كما سيجىء فى ص ٣٣٢ وما بعدها.