«من» وفى تلك الأنواع العاقل وغيره ، مثل : الحيوانات كثيرة مختلفة ؛ فيها من ينطق بفصيح الكلام ؛ كالإنسان ، ومن يغرد بصوت عذب ؛ كالبلبل ، ومن يصيح بصوت منكر ؛ كالبومة ....
(ب) إذا وقع من غير العاقل أمر (١) لا يكون إلا من العقلاء ، فعندئذ نشبهه بهم ، وننزله منزلتهم (٢) فى استعمال : «من». كأن تسمع البلبل يشدو بلحن شجىّ واضح التنغيم ، فتقول : أطربنى «من» يغنى فى عشه بأطيب الأناشيد. وكأن ترى القمر يشرف عليك كإنسان ينظر إليك : فتقول : إن من يطل علينا من برجه العالى بين الكواكب والنجوم يصغى إلى مناجاتى وهمسى ... وكالغريب الذى يقول للطيور المسافرة : هل فيكن من يحمل سلامى إلى أهلى وخلّانى ...
(ح) أن يكون مضمون الكلام متجها إلى شىء يشمل العاقل وغيره ، ولكنك تراعى أهمية العاقل ؛ فتغلبه على سواه. مثل : أيها الكون العجيب ، من فيك ينكر قدرة الله الحكيم؟
__________________
(١) ولو تخيلا منا ، وتنزيلا له منزلة الذى يحصل ...
(٢) لبيان ذلك : أنه متى نسب إلى غير العاقل شىء لا ينسب (نفيا أو إثباتا) إلا إلى العاقل أجرينا عليه حكمه من غير نظر لرأى المتكلم ، أو المخاطب ، أو غيرهما.