زيادة وتفصيل :
تعود النحاة ـ بعد الكلام على الأنواع الأربعة السابقة ـ أن يوازنوا بينها موازنة أساسها : «علم المنطق» ويطيلوا فيها الجدل المرهق ، مع أن الموضوع فى غنى عن الموازنة ؛ لبعد صلتها «بالنحو». وبالرغم من هذا سنلخص كلامهم ... (وقد يكون الخير فى الاستغناء عنه).
(ا) يقولون : إن موازنة الأنواع السابقة بعضها ببعض ؛ لمعرفة أوسعها شمولا ، وأكثرها أفرادا ـ تدل على أن : «القول» هو الأوسع والأكثر ؛ لأنه ينطبق عليها جميعا ، وعلى كل فرد من أفرادها. أما غيره فلا ينطبق إلا على أفراده الخاصة به ، دون أفراد نوع آخر ؛ فكل ما يصدق عليه أنه : «كلمة» أو : «كلام» أو : «كلم» ـ يصدق عليه أنه : «قول» ، ويعدّ من أفراد : «القول» ، ولا عكس.
هذا إلى أن القول يشمل نوعا آخر غير تلك الأنواع ، وينطبق وحده على أفراد ذلك النوع ؛ وهو : كل تركيب اشتمل على كلمتين من غير إفادة تامة منهما ؛ مثل : «إن حضر» ... «ليس حامد» ـ «ليت مصر» ... ـ «سيارة رجل» ... فمثل هذا لا يصح أن يسمى : «كلمة» ، ولا «كلاما» ، ولا «كلما» ومن هنا يقول النحاة : إن القول أعم من كل نوع من الأنواع الثلاثة عموما مطلقا ، وأن كل نوع أخص منه خصوصا مطلقا ... يريدون بالعموم : أن «القول» يشمل من الأنواع أكثر من غيره. ويريدون «بالإطلاق» : أن ذلك الشمول عام فى كل الأحوال ، بغير تقييد بحالة معينة ؛ فكلما وجد نوع وجد أن «القول» ؛ يشمله وينطبق على كل فرد من أفراده ـ دائما ـ
وأما أن كل نوع أخص ـ وأن ذاك الخصوص مطلق ـ فلأن كل نوع من الثلاثة لا يشمل عددا من الأفراد المختلفة بقدر ما يشمله «القول» ولا ما يزيد عليه. وأن هذا شأنه فى كل الأحوال بغير تقييد ، كما يتضح مما يأتى :
كتب : كلمة ، ويصح أن تسمى : «قولا.» وكذلك كل كلمة أخرى. كتب على : كلام ، ويصح أن يسمى : «قولا.» وكذلك كل جملة مفيدة مستقلة بمعناها ، مكونة من كلمتين. ـ أو أكثر كما سيجىء ـ قد كتب صباحا : كلم ، ويصح أن يسمى : «قولا.» وكذلك كل تركيب يشتمل على ثلاث كلمات فأكثر ، من غير أن يفيد.