وينصبه ويجره بالفتحة من غير تنوين فى الحالتين ، أى : يعربه إعراب ما لا ينصرف مراعاة لمفرده ، بشرط أن يكون هذا المفرد مؤنثا فيقول : هذه عرفات ، زرت عرفات ، ووقفت بعرفات. وإذا أراد الوقوف على آخره وقف بالتاء المفتوحة (١) ، فهذه ثلاثة آراء قد يكون أفضلها الأخير (٢) فيحسن الاقتصار عليه فى استعمالنا.
__________________
ـ بهذا الرأى ، لأنه يمنع اللبس ويزيل الإبهام ، ويجعل المراد واضحا جليا. وهذه وظيفة اللغة ومهمتها وما يرمى إليه الخبير بأسرارها. وستجىء إشارة لهذا الرأى فى «ا» من ص ١٥٩.
(١) وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله :
وما بتا وألف قد جمعا |
|
يكسر فى الجرّ وفى النّصب معا |
كذا : «أولات» ، والذى اسما قد جعل |
|
كأذرعات فيه ذا أيضا قبل |
أى : أن ما جمع بتاء وألف فإنه يكسر فى حالة الجر والنصب ؛ فينصب بالكسرة ، ويجر بالكسرة أيضا. ولا يفهم من كلمة «معا» أن الحالتين تحصلان فى وقت واحد ؛ كما هو مدلول كلمة : «معا» عند أكثر اللغويين القائلين باتحاد زمنها ـ وإنما المراد مطلق وقوع الحالتين من غير اتفاقهما فى زمن واحد.
و «تا» فى كلمة : «بتا» قد تقرأ منونة كشأن حروف الهجاء عند قصرها ؛ حيث يجب تنوينها على المشهور ؛ بناء على أنها مقصور الممدود ؛ فأصلها : «تاء» فإذا قصرت يقدر إعرابها على الألف المحذوفة ؛ لالتقاء الساكنين (لأنها ساكنة ، والتنوين ساكن) فالألف محذوفة لعلة تصريفية ؛ والمحذوف لعلة كالثابت. نعم إن ترك التنوين للإضافة ، أو لوجود «أل» فى أوله ، أو للوصل بنية الوقف أو للنداء ... ـ جاز الإعراب المقدر على الألف. وقال بعضهم إن حروف الهجاء إن كانت من غير همزة فى آخرها (مثل با ـ تا ـ ثا ... إلخ) فإنها موضوعة من أول الأمر على حرفين هجائيين ، وليست مقصورة من مد ؛ فهى مبنية على السكون دائما من غير تنوين. وهذا أيسر وأوضح.
وأشار فى البيت الثانى : (كذا أولات) إلى النوعين الملحقين بجمع المؤنث السالم ، وأولهما : اسم الجمع ، نحو : «أولات» ، وثانيهما : ما جعل من جمع المؤنث علما على شىء واحد ، فإنه يجرى عليه ذلك الحكم العام.
هذا ، وكلمة : «أولات» فى البيت قد تمنع من التنوين باعتبار أنها علم على تلك الكلمة ومؤنث ؛ فتمنع من الصرف للعلمية والتأنيث ، وقد تنون بإرادة اللفظ لا الكلمة المعينة ؛ فتكون علما على ذلك اللفظ غير مؤنث ؛ فلا يمنع من الصرف.
(٢) هذا الرأى منسوب للكوفيين ، وهو خير الآراء الثلاثة ؛ لأنه ـ وهو مسموع عن العرب ـ لا يوقع فى لبس ولا إبهام ؛ إذ يدل بحذف تنوينه مع جره بالفتحة ـ على أن المراد منه مؤنث مفرد ؛ فلا مجال فيه لتوهم أنه جمع. فهو يساير القاعدة العامة الواضحة.