فإن كانت الصفة خاصة بالمؤنث ، لم تجمع جمع مذكر سالما ؛ منعا للتناقض بين ما يدل عليه المفرد ، وما يدل عليه جمع المذكر ، مثل : «مرضع» فلا يقال : مرضعون ، وكذلك إن كانت لمذكر ، ولكنه غير عاقل (١) ؛ مثل : صاهل ، صفة «للحصان» أو : ناعب ، صفة للغراب ، فلا يقال : صاهلون ولا ناعبون ، أو : كانت مشتملة على تاء تدل على التأنيث ؛ نحو : قائمة ؛ فلا يصح : قائمتون (٢).
وكذلك ما كان على وزن : «أفعل» (الذى مؤنثه ، فعلاء) نحو أخضر ؛ فإن مؤنثه : خضراء ، وأبيض ، فإن مؤنثه : بيضاء ، فلا يقال أخضرون ، ولا أبيضون ، على الأصحّ (٣). ومثله ما كان على وزن فعلان (الذى مؤنثه فعلى) ، مثل سكران وسكرى (٤). وكذلك ما كان على صيغة تستعمل للمذكر والمؤنث ، كصيغة ، مفعال كمهذار (٥) ، ومفعل ؛ كمغشم (٦). وفعول (٧) ؛ مثل : صبور وشكور ،
__________________
(١) بأن تكون اشتهرت فى العرف بأنها لغير العاقل.
(٢) لا يصح جمع الصفة المشتملة على تاء التأنيث جمع مذكر سالما ؛ سواء أكانت التاء باقية على دلالتها على التأنيث ، نحو : قائمة ، كاتبة ، خطيبة ، شاعرة ، أم كانت دالة على التأنيث بحسب الأصل ، ثم انتقلت منه وتركته لتأدية معنى آخر ؛ كالمبالغة فى مثل : «علّامة» لكثير العلم و «فهيّامة» لكثير الفهم و «راوية» لكثير الرواية ، وهى حفظ الأخبار والأحاديث. فالتاء فى هذه الكلمات وأشباهها للمبالغة ، ولكنها بحسب وضعها الأول للتأنيث ؛ فيلاحظ الأصل دائما ، ولا عبرة ـ فى الرأى الراجح ـ بما طرأ عليه
(٣ و ٣) فى رأى البصريين ومن يؤيدهم. ويخالفهم الكوفيون فلا يتمسكون بشرطى «أفعل» و «فعلان» ومؤنثهما. وأدلتهم وشواهدهم كثيرة مقبولة. ولا معنى اليوم لإهدار رأيهم وخاصة إذا منع لبسا ، وإن كان الأول أكثر وأفصح ؛ وكان ابن كيسان يقول : لا أرى فى الرأى الكوفى بأسا ـ كما جاء فى المفصل ج ٥ ص ٥٩ و ٦٠ ـ ورأيه سديد ... فلم المنع؟ أيكون بسبب أن هذه الصفات لا أفعال لها ولا مصادر ، كما قد يتوهم بعض النحاة؟ وتوهمه بعيد عن الحق ، فقد ذكر ابن القطاع فى كتابه : «الأفعال» كغيره من أكثر اللغويين أن لهذه الصفات أفعالا صحيحة ، واردة بكثرة عن العرب. أم.
لأن هذه الصيغ تقرب من الفعل ... أو لا تقرب ؛ والفعل لا يجمع. كما يقول الصبان وكما يقول شارح المفصل (فى ج ٥ ص ٥٩ و ٦٠) ...؟ كل هذه العلل وأشباهها واهية ، وخاصة بعد الوارد الفصيح ، وهو كثير ، وبعد إجازتهم فى التفضيل ما كان منها على وزن : «أفعل» دالا على أمر معنوى ؛ نحو : أحمق وأبيض القلب. ونحو : فلان أبيض سريرة من فلان ، أو : أسود سريرة منه ، بمعنى أنه أطيب منه نفسا ، أو أخبث منه ... أو نحو هذا ... (كما سيجىء البيان والأدلة فى باب : «أفعل التفضيل ج ٣ ص ٣٢٥ م ١١٢) وسيجىء فى رقم ٢ من هامش ص ١٤٨ وفى «د» من ص ١٥٦ ـ أن النحاة يقولون : (ما لا يصح جمعه جمع مذكر سالما لا يصح فى مؤنثه أن يجمع جمع مؤنث سالما) ولذا يمنعون تلك الصيغ والألفاظ أن تجمع جمع مؤنث سالما ؛ استنادا إلى الرأى البصرى السالف. وقد بان ما فيه ، فلا ينظر إليه فى الجمعين.
(٤) كثير الهذر ؛ وهو : الخلط ، والكلام بما لا يليق.
(٥) الشجاع الذى لا يمنعه شىء عن قصده.
(٦) يستعمل للمذكر والمؤنث ، بشرط أن يكون بمعنى : «فاعل» وقبله موصوفه ، أو ما يقوم مقامه بالتفصيل الذى سيجىء فى باب : «التأنيث» ـ ج ٤ ص ٤٣٧ م ١٦٩ ، فإن جعل علما جاز جمعه.