فإن لم يكن علما لم يجمع هذا الجمع ، فلا يقال فى رجل : رجلون (١) ، ولا فى غلام ؛ غلامون ...
وإن كان علما لكنه لمؤنث ، لم يجمع أيضا ؛ فلا يقال فى زينب : زينبون ، ولا فى سعاد : سعادون. والعبرة فى التأنيث أو عدمه ليست بلفظه ، وإنما بمعناه ، وبما يدل عليه ، فكلمة : سعاد ، أو زينب ، إن كانت علما لمذكر ، واشتهرت بذلك ـ فإنها تجمع جمع مذكر سالما ، وكلمة : حامد أو حليم ... إن كانت علما معروفا لمؤنث لم تجمع هذا الجمع.
وإن كان علما لمذكر لكنه غير عاقل (٢) لم يجمع أيضا ، مثل : «هلال» وهو علم على : حصان ، و «نسيم» علم على : زورق ...
وكذلك إن كان علما لمذكر عاقل ، ولكنه مشتمل على تاء التأنيث الزائدة مثل : حمزة ، وجمعة ، وخليفة ، ومعاوية ، وعطية ... ، فإنه لا يجمع جمع مذكر (٣) ، ولا يصح هنا ملاحظة المعنى ؛ لوجود علامة التأنيث فى اللفظ ؛ فيقع بينها وبين علامة جمع المذكر التناقض والتعارض بحسب الظاهر ، كما لا يصح أن تحذف ؛ لأن حذفها يوقع فى لبس ؛ إذ لا ندرى أكانت الكلمة مؤنثة اللفظ قبل الجمع أم لا؟ لهذا اشترطوا خلو المفرد من تاء التأنيث الزائدة كما قلنا ...
وكذلك إن كان مركبا تركيب إسناد ، مثل : فتح الله ـ رام الله ـ رزق الله ... ؛ فإنه لا يجمع مباشرة باتفاق ؛ وإنما يجمع بطريقة غير مباشرة ،
__________________
(١) إلا إذا دخله التصغير ، : مثل : رجيل ، ورجيلون ، أو عند إلحاق ياء النسب بآخره ؛ مثل : إنسانى وإنسانيون وغلامىّ ، وغلاميون ؛ لأن التصغير أو النسب يفيده نوعا من الوصف ، فكأنه مشتق ؛ فيدخل فى قسم الصفة الآتى.
(٢) ليس المراد بالعاقل أن يكون عاقلا بالفعل ؛ وإنما المراد أنه من جنس عاقل ؛ كالآدميين والملائكة ؛ فيشمل المجنون الذى فقد عقله ، والطفل الصغير الذى لم يظهر أثر عقله بعد. وقد يجمع غير العاقل تنزيلا له منزله العاقل ؛ فيكون جمع مذكر ، وقيل. هو ملحق به ؛ مثل قوله تعالى : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) فالسجود لا يكون إلا من العاقلين ، ولكن الله نزل الكواكب والشمس والقمر منزلة العاقلين ؛ لأنها فعلت فعلهم. ومثلها قوله تعالى عن السماء(فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، قالَتا : أَتَيْنا طائِعِينَ) ـ (أتينا طائعين).
(٣) ويجمع قياسا جمع مؤنث سالما. والكوفيون يجيزون جمعه جمع مذكر سالما بعد حذف تائه ، فقد جاء فى كتاب الإنصاف ـ ص ١٨ ـ ما نصه : (ذهب الكوفيون إلى أن الاسم الذى فى آخره تاء التأنيث إذا سميت به رجلا ـ يجوز أن يجمع بالواو والنون ؛ وذلك نحو : طلحة وطلحون ، وإليه ذهب أبو الحسن بن كيسان إلا أنه يفتح اللام ؛ فيقول : «الطلحون» ؛ كما قالوا : «أرضون» ؛ حملا على : «أرضات». وذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز). اه والواجب الاقتصار ـ هنا ـ على المذهب البصرى لمسايرته الأعم الأفصح ، ولخلوه من اللبس.