فلا يسمى شىء من هذا كله مثنى حقيقة ، وإنما هو ملحق بالمثنى (١).
(٤) ما يدل على اثنين متفقين فى المعنى والحروف وحركاتها ولكن من طريق العطف بالواو ، لا من طريق الزيادة السالفة ؛ مثل : أضاء نجم ونجم.
(٥) ما يدل على شيئين. ولكن من طريق الوضع اللغوىّ ، لا من طريق تلك الزيادة ، مثل : شفع (ضد فرد ، ووتر). ومثل زوج وزكا ، وهما بمعنى شفع. فكل واحدة من هذه الكلمات تدل دلالة لغوية على قسمين متماثلين متساويين تماما (وهى القسمة الزوجية ضد الفردية). فهى تدل على التثنية ضمنا ، ولكن من غير أن يكون فى آخرها الزيادة السالفة.
__________________
(١) النحاة : هم الذين يطلقون اسم : «الملحق بالمثنى» على كل كلمة تعرب إعراب المثنى ، وليست مثنى حقيقيا ؛ بسبب فقدها أحد الشروط الخاصة بالمثنى الحقيقى. ويشترطون فى الملحق أن يكون مسموعا (والحق أنه قد ينقاس ـ أحيانا ـ كما فى التغليب). أما اللغويون فيطلقون «المثنى» على كل ما يعرب إعراب المثنى ؛ سواء أكان مثنى حقيقيا أم ملحقا به. فالمسألة مجرد اصطلاح ، ولا مانع من استعمال هذه التسمية أو تلك بشرط مراعاة الأحكام الخاصة بكل عند الاستعمال.
وشبيه بهذا ما اصطلح عليه النحاة من «الجمع» و «اسم الجمع» وفى رقم (١) من هامش ص ١٣٤ تعريف لاسم الجمع ـ فى حين يطلق اللغويون عليهما اسما واحدا هو : الجمع. وقد يكون المراد عند اللغويين من الاسم المجموع ـ اثنين ؛ لأن الجمع فى اصطلاحهم يطلق على الاثنين ، كما يطلق على ما زاد على الاثنين. وتؤيد هذا شواهد كثيرة فصيحة ، فى مقدمتها القرآن. قال تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ؛ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) وقوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وقول أبى ذؤيب الهذلى فى رثاء أبنائه الخمسة الذين ماتوا بالطاعون :
العين بعدهمو كأنّ حداقها |
|
سملت بشوك ؛ فهى عورا تدمع |
فأطلق الجمع فى قوله : حداقها ـ وهى جمع : حدقة ـ وأراد الاثنين (كما جاء فى حاشية ياسين على التصريح ج ٢ أول باب المضاف لياء المتكلم) وانظر رقم ٢ من هامش ١٢٥
«ملاحظة هامة» : من الضوابط اللغوية ما صرح به النحاة وهو : «كل مثنى فى المعنى يضاف إلى متضمنه ـ بكسر الميم الثانية المشدة وصيغة اسم الفاعل ؛ أى : إلى ما اشتمل على المضاف) ـ يجوز فيه الإفراد ، والتثنية ، والجمع. والأفضل الجمع» تقول : تصدقت برأس الكبشين ـ أو رأسى الكبشين ، أو رءوسهما. وإنما فضل الجمع على التثنية لأن المتضايفين كالشىء الواحد فكرهوا الجمع بين تثنيتهما. وفضل الجمع على الإفراد لأن المثنى جمع فى المعنى والإفراد ليس كذلك فهو أقل منزلة فى دلالته من المثنى ـ هذا ما قاله النحاة كالصبان ج ٣ والخضرى ح ٢ فى أول باب التوكيد ـ وينطبق ما سبق على النفس والعين المستعملتين فى التوكيد ؛ خضوعا للسماع الوارد فيهما ، لا تطبيقا للضابط السالف ؛ فقد قال الصبان فى الموضع المشار إليه : إن إضافتهما ليست لمتضمنهما ، بل إلى ما هو بمعناهما لأن المراد منهما الذات. وسيجىء فى «ز» من ص ١٤٥ ضابط آخر أوضحه شارح المفصل وهو يخالف الضابط الذى هنا بعض المخالفة ويبدو أن الرأى الأقوى هو ما قاله شارح المفصل وقد أشرنا لما سبق فى ج ٣ ص ٤٠٨.
ويرى بعض النحاة أن يطلق على الملحق بالمثنى تسمية خاصة به ، هى : «اسم المثنى» فيكون هناك اسم للمثنى ، كما يكون هناك اسم للجمع.